Page 180 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 180
العـدد ١٩ 178
يوليو ٢٠٢٠ غيبية تقع خارج ميدان
العقل ،خارج البديهة
وأخي ًرا ،إذا كان من درس الدين والعلم ،كإجراء
يمكن أن نتعلمه من هذا منهجي يهدف إلى تحقيق والحس .أما مقاصده فهي
السجال الفكري العميق، حمل الناس على الفضيلة
الموضوعية ،من ناحية،
فهو أن الفكر لا ينبغي أن وفى إعادة الربط بينهما من بواسطه العمل وفق ما
ُيواجه إلا بالفكر ،وأن الروح أجل تحقيق الأخلاقية من يقرره كشريعة ..والفلسفة
ناحية أخرى .وإذا استخدمنا
النقدية مطلوبة في التعاطي مصطلحات كانت ،فالدين لها هي الأخرى أصول
مع ظواهر الفكر والمجتمع ينتمى للعقل العملي وأداته خاصة بها يضعها العقل
من أجل تمييز الجيد من الإرادة ،والعلم ينتمى إلى ويسلم بها أو يبرهن
الرديء ،والوقوف على العقل النظري وأداته العقل، عليها يستقيها من الحس
وكلاهما ضروريان لسعادة والتجربة وبديهة العقل.
عناصر الزيف والوهم التي هدفها بناء معرفة صحيحة
يمكن أن تؤثر سلبيًّا في الإنسان وتقدمه.
وعى المتلقي. وفى كل الأحوال ،يمكننا بالكون بجميع مظاهره
أن نقول إن تجربة ابن وأسبابه».
غير أن الممارسة النقدية لن رشد النقدية نجحت في
تؤتي ثمارها إلا إذا كانت أن تتلافي الأخطاء التي ويتفق الاثنان في أنهما
ممارسة مسئولة بحيث وقع فيها الغزالي بحيث يهدفان إلى توجيه السلوك
تقتصر على الفكر ولا تمتد تحقق فيها العلم والأخلاق.
إلى الأشخاص .كما ينبغي ولعل فى ذلك يكمن السبب الإنساني ،الفردي
الذى جعل الجابري يصف والجماعي ،نحو الخير
أن تتخلص من الأيديولوجيا كتاب «تهافت التهافت» والفضيلة والسعادة.
حتى تصير علمية .هذا بأنه انتصار للروح العلمية وتتضح أهمية هذا التمييز
فى موقف ابن رشد من
مع الوضع في الاعتبار أن وتأسيس لأخلاقيات المسائل الثلاث التي على
موضوعات النقد لم تعد الحوار ،بل ويستخلص أربع
قواعد لهذه الأخلاقيات من أساسها ك ّفر الغزالي
ن ًّصا مكتو ًبا فحسب ،وإنما آراء ابن رشد التي تضمنها الفلاسفة ،فيقول في
صوت وصورة أي ًضا، ضرورة الشرائع للفضائل
فض ًل عن أن يكون هذا كتابه ،وهى كالآتي: العملية والنظرية« :بل القوم
-الاعتراف بحق الاختلاف (الفلاسفة) يظهر من أمرهم
النص معنيًّا بقضايا فلسفية أنهم أشد الناس تعظي ًما لها،
ميتافيزيقية. والحق في الخطأ. و إيما ًنا بها ،والسبب في
-ضرورة فهم الرأي الآخر ذلك أنهم يرون أنها تنحو
فقضايا الحياة اليومية، نحو تدبير الناس ،الذى
المسكونة بهواجس الحرية في إطاره المرجعي الخاص به وجود الإنسان ،بما هو
به. إنسان .وبلوغه سعادته
والعدالة الاجتماعية ،هي الخاصة به ،وذلك أنها
التي تهيمن على الإنسان -التعامل مع الخصم من ضرورية في وجود الفضائل
العربي هذه الأيام .والخطاب منطلق التفاهم والتزام الخلقية للإنسان ،والفضائل
النظرية والصنائع العملية».
السائد ،لم يعد الديني الموضوعية ،والاعتراف له وبهذا المعنى ،ينجح ابن
فحسب ،ولكن السياسي بحق الدفاع عن رأيه. رشد في الفصل بين
والاجتماعي والإعلامي
-الاعتقاد في نسبية الحقيقة
كذلك العلمية وفى إمكانية التقدم
العلمي.