Page 178 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 178
العـدد ١٩ 176
يوليو ٢٠٢٠ طاليس ،وأمثالهم».
وبالرغم من اختلافنا مع
أن الخوض في حكاية والكبر على الدين .فهى الغزالي في نقده للأشخاص،
اختلاف الفلاسفة تطويل، ظاهرة منتشرة بين مثقفي إلا أن ذلك لا يمنعنا من
فإن خطبهم طويل ،ونزاعهم هذه الأيام ،الذين ينظرون
الاعتراف بأنه نجح في
كثير ،وآراءهم منتشرة، إلى مسائل الدين وقضايا الكشف عن دور التقليد،
وطرقهم متباعدة متدابرة، الإيمان نظرة متعالية بحجة والاعتقاد فى التميز ،فى
فلنقتصر على إظهار العقلانية والتنوير. تكوين الأفكار .غير أن
التناقض في رأى مقدمهم وفى هذا المعنى يقول الغزالي: المسألة الأكثر أهمية إنما
الذى هو الفيلسوف المطلق،
«فلما قرع ذلك سمعهم، تكمن فيما أطلق عليه
وهو المعلم الأول ..وهو ووافق ما حكى من عقائدهم الجابري»المشهور» .فشهرة
رسطاليس».
طبعهم ،تجملوا باعتقاد الأشخاص من شأنها أن
غير أن الغزالي ،نفسه ،لم الكفر ،تحي ًزا إلى غمار تعمل على رواج الأفكار
يسلم من التناقض عندما الفضلاء بزعمهم ،وانخرا ًطا المغلوطة ،وهى مسألة
وصف ناقلي آراء أرسطو فى سلكهم ،وترف ًعا عن شائعة فى عالمنا المعاصر.
مسايرة الجماهير والدهماء، كما لا يمكننا أن نغفل تلك
بالتحريف ،قائ ًل: واستنكا ًفا من القناعة اللفتة الذكية التي أبداها
«ثم المترجمون لكلام الغزالي عندما تحدث عن
«رسطاليس» عن تحريف بأديان الآباء». النزعة الطبقية التى تهيمن
وتبديل ،محوج إلى تفسير وإذا انتقلنا من نقد على وعى الفلاسفة المقلدين،
وتأويل ،حتى أثار ذلك الأشخاص إلى نقد الأفكار، الذين يجدون فى التشبّه
أي ًضا نزا ًعا بينهم» .ويقصد فسنجد أن الغزالي ،بالرغم بأصحاب الفكر الإلحادي
الفارابي وابن سينا .ثم من الانتقادات التي وجهت وسيلة للتعالي على الجماهير،
يعود ليعتمد عليهما فى نقده إليه ،من ابن رشد وغيره،
لآراء أرسطو اللذان نق ًل يحسب له أنه كان حري ًصا
عنه ،فيقول« :فليعلم أننا على أن يبين الخطوات
مقتصرون على رد مذهبهم المنهجية التي سيسير
بحسب نقل هذين الرجلين، عليها في نقده ،وذلك في
كي لا ينتشر الكلام بحسب مقدمات أربع
سبقت مسائل
انتشار المذهب». الكتاب .ولعل
وكان الأحرى أن يرجع أهم ما يميز
الغزالي إلى أرسطو نفسه، هذه المنهجية هو
إذا أراد أن ينتقد آراءه ،أو اعتماده على مبدأ
أن يعتبر آراء الفارابي وابن «عدم التناقض»،
سينا ،المنقولة ،هي آراؤهما وهو أحد المبادئ
الأساسية في
الشخصية بعد أن تم المنطق الأرسطي،
هضمها وإعادة إنتاجها. في دحضه
لآراء الفلاسفة،
ابن رشد ناقًدا الغ ازلي: فيقول فى المقدمة
الأولي« :ليعلم
خلا ًفا للغزالي ،يضع
بن رشد لكتابه «تهافت