Page 181 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 181

‫‪179‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

         ‫بقصد التجديد والإصلاح‬      ‫يعد نقد الخطاب السياسي‬           ‫التفكير النقدي في الفكر السياسي الإسلامي‬  ‫د‪.‬سامية سامية‬
      ‫أمر ضروري تفرضه قوانين‬
                                        ‫مدخل ضروري من أجل‬
               ‫وسنن الاجتماع‪)1(.‬‬    ‫إصلاحه وتقويمه‪ ،‬وإخضاع‬
           ‫وغني عن القول إنه من‬     ‫ك ِّل الخطابات السياسية للنقد‬
     ‫الطبيعي أن ينشغل الفيلسوف‬
       ‫بالنقد والمعارضة السياسية‬       ‫الموضوع ّي أمر ضروري‪،‬‬
     ‫والنظر السياسي؛ لأنه يعيش‬         ‫فكل خطاب فكري لا يقبل‬
     ‫في مجتمع يتفاعل معه ويبغي‬          ‫السؤال والنقد والمساءلة‬
      ‫إصلاحه‪ ،‬ويدرك أن الإنسان‬      ‫ومنازعـة الخطابات الأخرى‬
         ‫لا تتقوم إنسانيته إلا من‬
          ‫خلال الاجتماع وبالتالي‬         ‫لا يمكن أن يستمر‪ ،‬فلا‬
          ‫الدولة‪ ،‬ولا يتحقق كماله‬    ‫يمكن أن ينتهي النقد وطرح‬
     ‫وسعادته إلا إذا توفرت مدينة‬    ‫التساؤلات‪ ،‬وإقامة المقارنات‬
     ‫تحقق العدالة يعيش في كنفها‪،‬‬
       ‫ومن ثم تقع على الفيلسوف‬          ‫بين الخطابات السياسية‬
     ‫والمفكر مسؤولية كبيرة ودور‬          ‫وغير السياسية في عالم‬
       ‫رئيس في جميع‪ ‬الحضارات‬        ‫يموج بالمتناقضات والصراع‬
     ‫والمجتمعات للبحث عن أفضل‬
                                                     ‫والتعقيد‪.‬‬
 ‫أبو‬                                 ‫وتبرز أهمية النقد السياسي‬
‫يوسف‬                               ‫في كونه أحد الأسباب الرئيسة‬
‫الكندي‬                             ‫لتطور الأداء‪ ،‬ورصد الأخطاء‪،‬‬
                                   ‫وهذا مطلب ضروري لإصلاح‬
                                   ‫الممارسات السياسية‪ ،‬فليست‬

                                       ‫السلطة وحدها من يحتاج‬
                                     ‫إلى النقد والرقابة‪ ،‬وإنما كل‬
                                    ‫مؤسسة وشخصية سياسية‬
                                   ‫عامة لا يستقيم أمرها إلا عبر‬
                                     ‫تفعيل آلية النقد والمحاسبة‪.‬‬
                                     ‫أما الاعتقاد بأن النقد ُيعطل‬
                                      ‫العمل أو أن عامة الناس لا‬

                                        ‫تفهم الصالح من الطالح‬
                                     ‫فهو حجة متهافتة‪ ،‬والنقد لا‬
                                   ‫يختص بفئة ما‪ ،‬وإن كان أهل‬
                                     ‫الفكر والفلسفة أقوي وأقدر‬
                                     ‫على النقد وعلى طرح الحلول‬

                                                       ‫البديلة‪.‬‬
                                        ‫وعلى هذا الأساس يمكن‬
                                     ‫للمفكر الناقد أن يؤدي دو ًرا‬
                                    ‫ايجابيًّا ها ًّما في حياة الشعب‬
                                   ‫وتطور المجتمع‪ ،‬وإمعان النظر‬
                                      ‫النقدي في الفكر السياسي‬
                                     ‫الإسلامي المستمد من تراثنا‬
   176   177   178   179   180   181   182   183   184   185   186