Page 176 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 176
العـدد ١٩ 174
يوليو ٢٠٢٠
الفكر وضعفه ،للتعبير عن وفى هذا الصدد ،اخترنا أبو حامد
ممارسته النقدية في الكتاب، كتاب «تهافت الفلاسفة» الغزالى
ما يعنى أنه سيصب نقده للغزالي كنموذج للنقد،
على السلبيات أكثر من واخترنا كتاب «تهافت
التهافت» لابن رشد كنموذج
الإيجابيات ،فهل كان نقد لنقد النقد .ولا يفوتنا أن
الغزالي ه َّدا ًما ،بنحو ما نذكر أنه بالرغم من أن
هذين الكتابين ينتميان إلى
ذهب عابد الجابري ،أم كان التراث إلا أن المقدمتين
بنّا ًء ،بنحو ما ذهب سليمان اللتين كتبهما سليمان دنيا
دنيا؟ وإلى أي مدى يمكن أن للأول ،وعابد الجابري
نسحب أحكامنا على نقد ابن للأخير ،تنتميان إلى العصر
رشد الذى استخدم اللفظة الحاضر ،وتندرجان تحت
نفسها عنوا ًنا لكتابه ،الذى مبحث نقد النقد.
فنحن إذن أمام
وضعه ر ًدا على الغزالي؟ ممارسات نقدية
إن الإجابة على هذه تجمع بين الأصالة
والمعاصرة ،وتغطي
التساؤلات تقتضي البحث فترة زمنية طويلة،
في الكيفية التي مارس بها ما يعنى أن العقلية
كل منهما نقده ،الغزالي تجاه العربية لم تعدم القدرة
الفلاسفة ،وبن رشد تجاه على النقد ،ولم تركن
الغزالي ،وهذا ما سنتناوله كثي ًرا إلى الانقياد
بشيء من التفصيل في هذه والتسليم ،وإنما
آفتها أنها مارست
المقالة. النقد على المستوى
الأكاديمي،
الغ ازلي ناقًدا الفلاسفة: وفشلت في أن
تعمم تجربتها
لم يضع الغزالي كتابه النقدية على باقي
«تهافت الفلاسفة» للهجوم طوائف المجتمع.
وبالرغم من أن
على الفلسفة ،كما ُيشاع، النقد ،في معناه
وإنما وضعه للهجوم على اللغوي ،هو
الفلاسفة الذين قالوا بآراء إظهار عيوب
الشيء ومحاسنه ،إلا
معينة ،رأى الغزالي أنها أن الغزالي استخدم لفظة
مخالفة للإسلام ،وهم «تهافت» ،التي
بالتحديد الفارابي وابن تعني تناقض
سينا ،اللذان أسسا آراءهما
على فلسفة أرسطو .يؤكد
ذلك استبعاد الغزالي للمنطق
والطبيعيات من دائرة نقده،
التى قصرها على الإلهيات،
واعترافه بفضل هذين
المبحثين من مباحث الفلسفة