Page 189 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 189
187 الملف الثقـافي
بأن الماضي متناه ،وهذا ضد الغزالي الذي انتهى ابن باجه في القول بقدم العالم -2بأنه
الذي انتحله المتكلمون ،أما برميه «بغاية الجهل» إنما هو تعالى لا يعلم الجزئيات -3
أرسطو وشيعته فيرون أن دفاع عن مبادئه ،ألبسه لباس في تأويل ما جاء في حشر
الماضي غير متناه كالحال
في المستقبل غير المتناهي، الذود عن حكيمين سالفين الأجساد وأحوال المعاد .وهنا
من أنصار أرسطو وهما يرى ابن رشد أن الظاهر
واستنتج من ذلك أنه لا الفارابي وابن سينا.
يوجد محدث حقيقي ولا وقد تناول المسألة الثانية من قول الغزالي في ذلك ليس
قديم حقيقي ،لأن المحدث أو ًل ثم عطف على الأولى تكفيره إياهم في ذلك قاط ًعا،
الحقيقي فاسد ضرورة، وهي القول بقدم العالم إذ قد صرح في كتابه التفرقة
والقديم الحقيقي ليس له فأفقدها شأنها؛ لأنه ردها
علة .ثم أراد أن ينهي المسالة إلى خلاف لفظي .أي أن أن التكفير بخرق الإجماع
ويحسمها فذهب يقول: فيه احتمال.
«فالمذاهب في العالم ليست الطرفين متفقان في الجوهر
تتباعد كل التباعد حتى يكفر ومختلفان في العرض ،فما ثم أخذ ابن رشد يبين خطأ
بعضها ولا يكفر ،فإن الآراء على راغب التوفيق إلا أن الغزالي من حيث الإدراك في
التي شأنها هذا يجب أن يرد العرض إلى الجوهر،
تكون في الغاية من التباعد، وهي مسألة لفظية فيزول النقطة الثانية ،فقال« :فقد
الخلاف ،وقد أخذ فع ًل يبين نرى أن أبا حامد قد غلط
أعني أن تكون متقابلة تقسيم الموجودات من حيث على الحكماء المشائين فيما
(متناقضة) ويشبه أن يكون القدم والحدوث على ثلاثة نسب إليهم من أنهم يقولون
أقسام ،ثم طرق من حيث إنه تقدس وتعالى لا يعلم
المختلفين في هذه المسائل يدري باب البحث في الزمان الجزئيات أص ًل ،بل يرون
العويصة إما مصيبين على طريقة الأقدمين ،وأظهر أنه تعالى يعلمها بعلم غير
الفرق بين أفلاطون القائل مجانس لعلمنا؛ وذلك أن
مأجورين وإما مخطئين ِعل َمنا معلوم للمعلوم به،
معذورين ،ولذلك قال عليه فهو محدث بحدوثه ومتغير
بتغيره ،وعلم الله سبحانه
بالوجود ،على مقابل هذا
أي ضده ،فإنه علة للمعلوم
الذي هو الموجود ،فمن شبه
العلمين أحدهما بالآخر
فقد جعل ذوات المتقابلات
وخواصها واحدة وذلك غاية
الجهل»)3(.
وهكذا أخذ ابن رشد يدافع
عن الفلسفة ضد مهاجميها
من أمثال الإمام الغزالي
وغيره ،وهو في ذلك لا يدافع
عن الفارابي أو ابن سينا
بقدر ما يدافع عن نفسه؛ لأنه
هو الذي تناول تلك النقاط
الثلاث بالبحث فأثبتها وقال
بها واشتهرت برأيه ،فدفاعه