Page 192 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 192

‫العـدد ‪١٩‬‬          ‫‪190‬‬

                                                           ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬   ‫الغزالي كان واض ًحا في النيل‬
                                                                       ‫من سمعة الفلسفة والفلاسفة‬
      ‫على النتيجة الحتمية‬     ‫بشر»‪ ..‬أو ليس ذلك يعني‬                                                   ‫أرسطو‬
        ‫لاختيارنا الخاطئ‬    ‫بأن الأجساد غائبة منها‪ ،‬بل‬                            ‫لحاجة في نفسه‪.‬‬
                            ‫إن ما جاء من وصف الجنة‬                       ‫‪ -3‬قضية حشر الأجساد‪:‬‬
 ‫ومدافع نابليون بونابرت‬
     ‫تدك الأزهر الشريف‬        ‫في القرآن الكريم يجب أن‬                      ‫أما القضية الثالثة‪ ،‬والتي‬
                               ‫يحمل على سبيل المجاز؟‬                     ‫ذهب إليها فلاسفة اليونان‬
    ‫في حملته الشهيرة على‬     ‫أو لم يقل ابن عباس أي ًضا‪:‬‬                  ‫وتبعهم فيها بعض فلاسفة‬
      ‫مصر والشام‪ .‬فهلا‬       ‫«ليس في الدنيا من الآخرة‬                     ‫العرب‪ ،‬فهي قضية البعث‬
                               ‫إلا الأسماء»‪ ..‬فكيف إذن‬
   ‫وعينا الدرس واستعدنا‬         ‫نتهم الفلاسفة بعد هذه‬                      ‫الروحاني لا الجسماني‪،‬‬
    ‫الطريق الصحيح؟ هذا‬        ‫الأقوال بأنهم لا يعتقدون‬                     ‫فقد رأى فلاسفة اليونان‬
 ‫ما سيجيب عليه مستقبل‬           ‫اعتقاد السلف الصالح؟‬                      ‫أنه إذا تحلل جسد إنسان‬
 ‫الأمة الإسلامية من خلال‬      ‫فالسلف الصالح أي ًضا قد‬                    ‫ونبتت به شجرة وأخرجت‬
‫استخدام العقل والعقلانية‬    ‫شهد بأن الوجود الأخروي‬                         ‫هذه الشجرة ثما ًرا تغ َّذى‬
  ‫للتصدي لكافة الدواعش‬      ‫هو غير هذا الوجود‪ )6(.‬ومن‬                     ‫عليها إنسان آخر‪ ،‬وتكون‬
 ‫التي تريد أن تهدم وتدمر‬        ‫ثم يظهر موقف الغزالي‬                    ‫منه بع ًضا من جسده‪ ،‬وكان‬
                            ‫المتعنت تجاه الفلسفة‪ ..‬ومن‬                     ‫الجسد المتحلل في النعيم‪،‬‬
       ‫مستقبل هذه الأمة‪،‬‬     ‫ثم نثبت براءة الفلسفة من‬                   ‫والجسد المتكون من المتحلل‬
  ‫والله متم نوره ولو كره‬    ‫أي قول يتهمها بالكفر حتى‬                   ‫في الجحيم‪ ،‬فكيف يفض إذن‬
                             ‫لو كان هذا القول مصدره‬                        ‫هذا الاشتباك‪ ،‬فهذا جسد‬
               ‫الكافرون‪.‬‬        ‫حجة الإسلام أبو حامد‬                       ‫بعضه مشترك بين اثنين‬
                                                                           ‫أحدهما في النعيم والآخر‬
     ‫الهوامش‪:‬‬                                 ‫الغزالي‪.‬‬                    ‫في الجحيم؟! وهنا رأوا أن‬
                              ‫ولنعلم جي ًدا أن البشرية‬                     ‫البعث لا يكون بالأجساد‬
 ‫‪ -1‬ابن رشد‪ :‬فصل المقال‬        ‫كلها في ذلك الوقت كانت‬                     ‫وإنما يكون بالأرواح نظ ًرا‬
‫فيما بين الحكمة والشريعة‬                                                  ‫لاستحالة ذلك عقليًّا‪ ..‬هذا‬
                                  ‫أمام طريقين‪ :‬أحدهما‬                    ‫هو اجتهاد فلاسفة اليونان‬
     ‫من الاتصال‪ ،‬دراسة‬          ‫مثَّله الغزالي في معاداته‬                 ‫أصابوا في البعث‪ ،‬والقول‬
    ‫وتحقيق محمد عمارة‪،‬‬       ‫للفلسفة‪ ،‬والفلسفة في ذلك‬
     ‫القاهرة‪ ،‬دار المعارف‪،‬‬       ‫الوقت كانت أم العلوم‬                         ‫بوجود حياة أخروية‪،‬‬
                                                                          ‫فنشكرهم على ذلك ونمدح‬
      ‫الطبعة الثانية‪ ،‬د‪.‬ت‪،‬‬         ‫وكانت تحوي الطب‬                        ‫صنيعهم ولا نكفرهم‪ ..‬أما‬
                 ‫ص‪.28‬‬        ‫والفلك والهندسة والتنجيم‬                     ‫فلاسفة العرب فقد وقعوا‬
                                                                          ‫في هذه المسألة تحت تأثير‬
      ‫‪ -2‬المصدر السابق‪،‬‬           ‫والجغرافيا والكيمياء‬                   ‫فلاسفة اليونان من ناحية‪،‬‬
                 ‫ص‪.29‬‬        ‫وسائر العلوم غير الدينية‪،‬‬                    ‫وتحت تأثير ما يشبه ذلك‬

      ‫‪ -3‬المصدر السابق‪،‬‬        ‫بينما كان الطريق الآخر‬                      ‫من أقوال دينية إسلامية‬
                 ‫ص‪.39‬‬         ‫هو طريق الفلسفة والعلم‬                     ‫من ناحية أخرى‪ ،‬ومن ذلك‬
                               ‫والعقل ومثَّله ابن رشد‪،‬‬
      ‫‪ -4‬المصدر السابق‪،‬‬        ‫فرفضنا نحن طريق ابن‬                         ‫ما جاء عن وصف الجنة‬
            ‫ص‪.44 -43‬‬                                                   ‫«فيها ما لا عين رأت ولا أذن‬
                                  ‫رشد‪ ،‬وسلكنا طريق‬
      ‫‪ -5‬المصدر السابق‪،‬‬       ‫الغزالي‪ .‬واختار الغربيون‬                    ‫سمعت ولا خطر على قلب‬
                 ‫ص‪.67‬‬
                                ‫طريق العقل والعقلانية‬
 ‫‪ -6‬عبده الحلو‪ :‬ابن رشد‬      ‫طريق ابن رشد؛ فاستفقنا‬
 ‫فيلسوف المغرب‪ ،‬بيروت‪،‬‬

    ‫منشورات دار الشرق‬
    ‫الجديد‪ ،‬الطبعة الأولى‪،‬‬

           ‫‪ ،1960‬ص‪48‬‬
   187   188   189   190   191   192   193   194   195   196   197