Page 195 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 195

‫‪193‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

         ‫الشرعية‪ .‬والحمد لله‬           ‫المتوسلين به في حوائجهم‬          ‫السفه والانحلال‪ ،‬ومادة‬
   ‫(فالافتقار) إلى المنطق أص ًل‪،‬‬  ‫ومغوثاتهم عقيب توسلهم به في‬      ‫الحيرة والضلال‪ ،‬ومثار الزيغ‬
 ‫وما يزعمه المنطقي للمنطق من‬                                        ‫والزندقة‪ ،‬ومن تفلسف عميت‬
  ‫أمر الحد والبرهان فقعاقع قد‬       ‫شدائدهم براهين له صلى الله‬     ‫بصيرته عن محاسن الشريعة‬
‫أغني الله عنها (بالطريق الأقوم‬     ‫عليه وسلم قواطع‪ ،‬ومعجزات‬
   ‫والسبيل الأسلم الأطهر) كل‬       ‫له سواطع‪ ،‬ولا يعدها عد‪ ،‬ولا‬          ‫المؤيدة بالحجج الظاهرة‪،‬‬
    ‫صحيح الذهن‪ ،‬لا سيما من‬           ‫يحصرها حد‪ ،‬أعاذنا الله من‬     ‫والبراهين الباهرة‪ ،‬ومن تلبس‬
 ‫خدم نظريات العلوم الشرعية‪،‬‬                                       ‫بها تعلي ًما وتعل ًما قارنه الخذلان‬
   ‫ولقد تمت الشريعة وعلومها‬           ‫الزيغ عن ملته‪ ،‬وجعلنا من‬
                                   ‫المهتدين الهادين بهديه وسنته‪.‬‬      ‫والحرمان‪ ،‬واستحوذ عليه‬
      ‫وخاض في بحار الحقائق‬        ‫وأما المنطق فهو مدخل الفلسفة‪،‬‬     ‫الشيطان‪ ،‬وأي فن أخزى من‬
    ‫والدقائق علماؤها‪ ،‬حيث لا‬                                       ‫فن يعمي صاحبه ‪-‬أظلم قلبه‪-‬‬
‫منطق ولا فلسفة و(لا فلاسفة)‪،‬‬           ‫ومدخل الشر شر‪ ،‬وليس‬           ‫عن نبوة نبينا صلي الله عليه‬
 ‫ومن زعم أنه يشتغل مع نفسه‬          ‫الاشتغال بتعليمه وتعلمه مما‬    ‫وسلم (كلما ذكره ذاكر‪ ،‬وكلما‬
‫بالمنطق والفلسفة لفائدة يزعمها‬       ‫أباحه الشارع‪ ،‬ولا استباحه‬    ‫غفل عن ذكره غافل) مع انتشار‬
  ‫فقد خدعه الشيطان ومكر به‪،‬‬          ‫أحد من الصحابة والتابعين‬
  ‫فالواجب على السلطان ‪-‬أعزه‬          ‫والأئمة المجتهدين‪ ،‬والسلف‬         ‫آياته المستبينة‪ ،‬ومعجزاته‬
   ‫الله وأعز به الإسلام وأهله‪-‬‬      ‫الصالحين‪ ،‬وسائر من يقتدي‬           ‫المستنيرة‪ ،‬حتى لقد انتدب‬
     ‫أن يدفع عن المسلمين شر‬         ‫به من أعلام الأئمة وسادتها‪،‬‬       ‫بعض العلماء لاستقصائها‪،‬‬
 ‫هؤلاء المشائيم‪ ،‬ويخرجهم من‬          ‫وأركان (الأمة) وقادتها‪ ،‬قد‬
 ‫المدارس ويبعدهم‪ ،‬ويعاقب على‬                                             ‫فجمع منها ألف معجزة‬
  ‫الاشتغال بفنهم‪ ،‬ويعرض من‬              ‫برأ الله الجميع من مغرة‬     ‫وعددناه مقص ًرا‪ ،‬إذ فوق ذلك‬
‫ظهر منه اعتقاد عقائد الفلاسفة‬         ‫ذلك وأدناسه‪ ،‬وطهرهم من‬
 ‫على السيف أو الإسلام لتخمد‬                                           ‫بأضعاف لا تحصي‪ ،‬فإنها‬
                                                     ‫أوضاره‪.‬‬        ‫ليست محصورة على ما وجد‬
       ‫نارهم‪ ،‬وتنمحي آثارها‬          ‫وأما استعمال الاصطلاحات‬        ‫منها في عصره صلى الله عليه‬
‫وآثارهم‪ ،‬يسر الله ذلك وعجله‪،‬‬          ‫المنطقية في مباحث الأحكام‬      ‫وسلم‪ ،‬ولم تزل تتجدد بعده‬
                                                                  ‫صلى الله عليه وسلم على تعاقب‬
  ‫ومن أوجب هذا الواجب عزل‬                 ‫الشرعية فمن المنكرات‬
    ‫من كان مدرس مدرسة من‬                  ‫المستبشعة‪ ،‬والرقاعات‬        ‫العصور‪ ،‬وذلك أن كرامات‬
  ‫أهل الفلسفة والتصنيف فيها‬           ‫المستحدثة‪ ،‬وليس بالأحكام‬         ‫الأولياء من أمته‪ ،‬وإجابات‬
 ‫والإقراء لها ثم شجنه وإلزامه‬
‫منزله‪ ،‬ومن زعم أنه غير معتقد‬

     ‫لعقائدهم فإن حاله يكذبه‬
     ‫والطريق في قلع الشر قلع‬
 ‫أصوله وانتصاب مثله مدر ًسا‬
  ‫من العظائم جملة والله تبارك‬
  ‫وتعالي ولي التوفيق والعصمة‬

                  ‫وهو أعلم‪.‬‬
      ‫وفي الحقيقة فإن الفتوي‬
       ‫السابقة تعد أنموذ ًجا له‬
     ‫حضوره القوي في حديث‬
   190   191   192   193   194   195   196   197   198   199   200