Page 187 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 187
185 الملف الثقـافي
ولكنه يظهر ما كان يخفيه هاجم الإمام أبو حامد براءة الفلسفة من اتهامات الغزالي..
مطمئنًا لما رأى من تعمق رؤية نقدية جديدة
الخليفة أبو يعقوب يوسف الغزالي (505 -450هـ) د.غيضان
بن عبد المؤمن في الآراء الفلاسفة والفلسفة في كتابه السيد علي
الفلسفية ،ورغم ذلك ،ورغم المشهور “تهافت الفلاسفة”،
محاولته الرائعة للتوفيق
بين الحكمة والشريعة إلا إنه حيث بدأ بعرض المسائل
أي ًضا لم َي ْس َلم ،حيث ُنكب الفلسفية والآراء التي تعرض
نكب ًة شهيرة ُنفي على أثرها لها الفلاسفة في الله ،والخلق،
إلى جزيرة “الليسانة” وأ ُتهم
في دينه وأحرقت كتبه في والعقل ،والنفس ،والموت
والبعث ،ثم قام بتفنيد هذه
ميدان عام.
الآراء ح ّج ًة حجة ،فكانت
أوًل -دفاع ابن رشد: جملة المسائل التي عالجها
عشرين مسألة؛ ب َّدعهم في
وفي الحقيقة ،وقبل أن سبع عشرة منها ،وك َّفرهم
أعرض لرؤيتي الخاصة
تتوجب الضرورة العلمية في ثلاث.
أن أعرض باختصار شديد وقد حاول ابن رشد (-525
لدفاع ابن رشد عن الفلسفة، 595هـ) جاه ًدا أن يدرأ تلك
وهو أشهر دفاع ُقدم قدي ًما
الاتهامات الباطلة في كتابه
أفلاطون “تهافت التهافت” فحاول أن
يتناول كل مسألة من المسائل
العشرين ويناقشها ،ثم يبين
تهافت النقد الموجه إليها ،ثم
يجيب على كل ما قاله أبو
حامد مبر ًئا ساحة الفلسفة.
وفي الحقيقة لم تكن مهمة
ابن رشد هينة بل كانت مهمة
بالغة الصعوبة ،وخاصة في
ظل المكانة التي كان يتمتع
بها الإمام الغزالي الملقب
“بحجة الإسلام” على طول
العالم الإسلامي وعرضه،
أي أن الرأي العام الإسلامي
كان قد تطبع بفكر الغزالي
ورأيه .فكان من الطبيعي
أن يموت ابن باجة مسمو ًما
نظ ًرا لاشتغاله بالفلسفة،
وأن يتكتم ابن طفيل على
خبر عمله بها ،ويحاول ابن
رشد في بداية أمره أن يخفي
على الخليفة أمر اهتمامه بها،