Page 202 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 202

‫الملف الثقـافي‬                     ‫العـدد ‪١٩‬‬                               ‫‪200‬‬

                                   ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬                            ‫عقدين! تجنبًا للحديث عن‬
                                                                     ‫أحداث عهد المأمون والمعتصم‬
    ‫حول مشهد شبه مسرحي‬                       ‫واستغنوا برأيهم”!‬       ‫والواثق خلال زمن المتوكل بن‬
    ‫يدور بين الرشيد وزوجته‬              ‫باستثناء الرواية النصية‬        ‫المعتصم بن هارون الرشيد‪،‬‬
                                       ‫الأيديولوجية المتصلة إذن‬      ‫الذي قاد انقلا ًبا ضد تحالفات‬
     ‫زبيده أم الأمين المتحزبة‬        ‫تخلو منهجية كتاب “الإمامة‬      ‫أسلافه السياسية‪ ،‬وبدأ تحال ًفا‬
  ‫لاستخلافه بد ًل من المأمون‪.‬‬           ‫والسياسة” من أي عبرة‬
                                       ‫أو استخلاص سياسي من‬                ‫سياسيًّا جدي ًدا مع التيار‬
    ‫يعظ الرشيد زوجته قائ ًل‪:‬‬          ‫الأحداث‪ ،‬ويمتلئ في المقابل‬       ‫السلفي‪ ،‬من ثم بدأ في عهده‬
   ‫“ويحك إن ابنك قد زينه في‬             ‫بالقصص المدهش أحيا ًنا‬         ‫اضطهاد وملاحقة وحصار‬
  ‫عينيك ما يزين الولد في عين‬            ‫المتناقض كثي ًرا والغرائبي‬
   ‫الأبوين‪ ،‬فاتق الله فوالله إن‬       ‫أي ًضا‪ ،‬الذي يدور في مجمله‬         ‫التيار العقلي أو اتجاه أهل‬
‫ابنك لأحب إل َّي إلا أنها الخلافة‬         ‫حول شخصيات الأئمة‬                    ‫الرأي في الإسلام‪.‬‬
  ‫لا تصلح إلا لمن كان لها أه ًل‬      ‫والساسة “الدينيين” الأوائل‬
‫وبها مستح ًقا”‪ .‬وتبلغ المسرحة‬        ‫وسلوكهم وصراعاتهم‪ ،‬دون‬                ‫تأكي ًدا لموقف ابن قتيبة‬
  ‫المشهدية ذروتها عندما تبلغ‬        ‫نظر ‪-‬على الأقل‪ -‬في الخلفيات‬         ‫الأيديولوجي يورد في ثنايا‬
  ‫الرواية القول‪“ :‬فقعدت معه‬             ‫الاجتماعية لهذا الصراع‪،‬‬
    ‫على الفراش فدعا ابنه عبد‬           ‫فالأئمة والساسة يظهرون‬            ‫ختام كتابه فقرة غامضة‬
   ‫الله المأمون فلما صار بباب‬            ‫على هذا النحو كما تظهر‬     ‫مختصرة تلخص رأيه في عصر‬
‫المجلس سلم على أبيه بالخلافة‬       ‫الشخصيات البطولية والدرامية‬
‫ووقف طوي ًل وقد طأطأ برأسه‬              ‫على مسرح حدث يوناني‪.‬‬            ‫خلفاء الرشيد‪ ،‬يقول‪“ :‬فتم‬
 ‫وأغض ببصره ينتظر الإذن‪..‬‬            ‫ولنكمل كمثال بارز على ذلك‬         ‫بعون الله تعالى ما به ابتدأنا‬
  ‫ثم استأذن في الدنو من أبيه‬        ‫استعراض صفحات الختام في‬
   ‫فدنا منه وجعل يلثم أسافل‬        ‫كتاب “الإمامة والسياسة” كما‬           ‫وكمل وصف ما قصصنا‬
 ‫قدميه ويقبل باطن راحتيه ثم‬        ‫بدأنا باستعراض مفتتحه‪ ،‬وهو‬         ‫من أيام خلفائنا وخير أئمتنا‪،‬‬
  ‫انثنى ساعيًا إلى زبيدة فأقبل‬        ‫ختام يدور حول استخلاف‬          ‫وفتن زمانهم وحروب أيامهم‪،‬‬
   ‫على تقبيل رأسها ومواضع‬            ‫هارون الرشيد لابنه المأمون‬     ‫وانتهينا إلى أيام الرشيد ووقفنا‬
 ‫ثديها ثم انحنى إلى قدميها ثم‬         ‫دون ابنه الأمين‪ ،‬ويتمحور‬        ‫عند انقضاء دولته‪ ،‬إذ لم يكن‬
   ‫رجع إلى مجلسه”! وبالطبع‬                                           ‫في اقتصاص (قص) أخبار من‬
‫كان لـ”الأمين” سلو ًكا نقي ًضا‬                                        ‫بعده ونقل حديث ما دار على‬
                                                                      ‫أيديهم وكان في زمانهم كبير‬
                                                                    ‫منفعة ولا عظيم فائدة‪ ،‬وذلك لما‬

                                                                                  ‫انقضى ملكهم‬
                                                                                  ‫وصار حكمهم‬
                                                                                 ‫إلى صبية أغمار‬

                                                                                     ‫غلب عليهم‬
                                                                                  ‫زنادقة العراق‪،‬‬

                                                                                     ‫فصرفوهم‬
                                                                                  ‫إلى كل جنون‪،‬‬
                                                                                   ‫وأدخلوهم إلى‬
                                                                                  ‫الكفر‪ ،‬ولم يكن‬

                                                                                    ‫لهم بالعلماء‬
                                                                                  ‫والسنن حاجة‪،‬‬

                                                                                      ‫واشتغلوا‬
                                                                                        ‫بلهوهم‬
   197   198   199   200   201   202   203   204   205   206   207