Page 208 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 208
العـدد ١٩ 206
يوليو ٢٠٢٠
يبدو مطمئنًا إلى الماضي ،ويميل جابر عصفور شكري ع َّياد طه حسين
إلى تقليبه في الدراسات المختلفة
الجامعة ،لكن «فصول» نفسها القرن الماضي ..ولم يم ِض وقت
التي يجب عليه إنجازها كي لم تخرج من الجامعة ،أو من أي طويل حتى بدأنا نقرأ النقد الذي
يتقدم ببحوث مقبولة إلى لجان مؤ ّسسة تعليمية ،وإنما خرجت يوظف المقولات النفسية والمناهج
الترقي ،وهي لجان يهيمن عليها من دار نشر هي الهيئة المصرية
كبار الأساتذة ،وهم غالبًا من الاجتماعية والتاريخية ..كان
المحافظين ،ولديهم (أفق توقع) العامة للكتاب. ذلك كله جدي ًدا ومبه ًرا وواع ًدا
إ ّن ما قدمته مجلة فصول ولا يمكن مقارنة أدواته وغاياته
محدد يعرفه المُتق ِّدم للترقية،
فبحوث الترقية -بطبيعتها- أشبه بالقفزة الكبيرة في بأدوات البلاغة العربية في
بحوث محافظة أو يغلب عليها الرؤى والتّصورات وال ّطموح، نسختها المتأخرة ،وكانت تهيمن
ذلك ،لنتذكر م ًعا -على سبيل واستطاعت أن تجذب الأقلام
المثال -أ ّن رجلا مثل المرحوم المه ّمة ليس في مصر وحدها وإنما على مقاربة النصوص ،وظلت
نصر أبو زيد كان يكتب ويؤلف في العالم العربي كله ،كان من كذلك حتى وقت قريب.
ال ّصعب أن تصدر مجلة طليعية
ويحاضر بحرية ،ولم تبدأ من مثل فصول من كلية الآداب أما الموجة الثانية :فقامت بها
مشكلته إلا حين فكر في التقدم مث ًل ،رغم أن ج ّل القائمين عليها مدرسة (مجلة فصول) مطالع
ببحوثه إلى لجنة الترقية ،وهنا ينتمون إلى هذا المعهد العريق. ثمانينيات القرن الماضي ،وهي –في
حدث الصدام بين أفق توقع لجنة ما أريد قوله تحدي ًدا :أن الجامعة تقديري -الموجة التي غيّرت إلى
الترقية (الأفق المحافظ) وما تنزع مثقلة بالتقاليد التي ُتكبّل الناقد، أقصى درجة شكل النقد العربي،
إليه بحوث «نصر» من اجتراح وتكثر من الحديث عن «الأصول»، وربطته إلى ح ٍّد كبير بالمنهاجية
وتعتبر نفسها مسؤولة عن حماية
أفق حر عظيم الرحابة. هذه «الأصول» ،إنها لا تتقبل الغربية :النظرية والمقولات
أضف إلى ذلك كله أن الجامعة نزعات التجريب في أشكال الإبداع والجهاز الاصطلاحي ،ولم يعد
مكان تعليمي ،لا يجب أن ننسى المختلفة بسهولة ،والناقد داخلها النقد المصري -ومن َث ّم العرب ّي-
ذلك ،والتعليم عندنا تهيمن عليه بعدها كما كان قبلها ،صحيح أن
فكرة التربية ،والتربية تهيمن من أ ّسسوا المجلة ومن انضووا في
عليها فكرة الأخلاق ،والمعلم يقوم تيارها أكاديميون يعملون داخل
مقام الأب والراعي الصالح،
والأب –فطرة -يحافظ على أبنائه
ويعلم أكثر منهم ،ويحرص على
أخلاقهم وعلى سلامة ذوقهم،
ولذا فلا بأس أن يقرر لهم،
ويقرر عنهم.
يهيمن هذا المعنى التّربوي على
الجانب البحثي لدى الأستاذ؛
فأنت لا يمكنك أن تكون معل ًما
(فاض ًل) أول النهار وباحثًا
محل ًقا بخيالك تجاري تجريب
الإبداع بتجريب النّقد آخر النّهار،
لن أذكرك بالمشاكل التي تواجه
المعلم داخل الجامعة ،حين يد ّرس