Page 209 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 209
الجامعة مثقلة بالتقاليد التي ُتكّبل نصوص الغزل الصريح أو حين
الناقد ،وتكثر من الحديث عن «الأصول»، يد ّرس الروايات ،حيث تواجهه
وتعتبر نفسها مسؤولة عن حماية هذه تابوهات ال ّسياسة والجنس
«الأصول» ،إنها لا تتقبل نزعات التجريب والدين ،وكلنا يتذكر ما أثارته
في أشكال الإبداع المختلفة بسهولة، رواية مهمة مثل «موسم الهجرة
والناقد داخلها يبدو مطمئًنا إلى الماضي، إلى الشمال» من ضجة حين
ويميل إلى تقليبه في الدراسات المختلفة
قررها أحد الأساتذة على طلابه،
التي يجب عليه إنجازها من أزمة للأستاذ والطلاب،
يحتاج إلى إذن من أحد ،وهذا المتنوعة؛ تغطي الإنتاج وحتى هذه اللحظة لا أظن أن
جعل عملية الفرز صعبة ،كما الأدبي الحديث بشكل بمقدور أستاذ أن يقررها على
فرض على المبدعين الجا ّدين أن طلاب الليسانس في الآداب أو دار
يضاعفوا جهدهم ،وهؤلاء ِقلّة جيد؟ الشع ارء والساردون
في كل عصر ،يمكنني أن أقول يتهمون النقد بالتقاعس العلوم.
لك :إ ّن المبدعين الذين ُيش ِّكلون عن المتابعة ،وبالاستسهال لنتذكر أن الجامعة لم تعتمد
المتن الأساس ّي في كل جيل أو ال ّشعر الحر -على سبيل المثال-
في كل تيار لا يتجاوز عددهم في التناول ،وبإغفال ضمن مقرراتها إلا بعد أن غدا
أصابع اليدين ،وقل الأمر نفسه التجارب اللافتة لمصلحة تيا ًرا إبداعيًّا مهيمنًا على الساحة،
عن النّقاد ،نعم لدينا مدرسو نقد تجارب أقل سطو ًعا ..هل وبعد أن ُق ّدمت له مقاربات عديدة
بأعداد كبيرة ،ولكن النّقاد الذين توافق على هذا الطرح؟ خارج الجامعة ،وقل الأمر نفسه
يمثلون المتن النّقد ّي قليلون دائ ًما، عن قصيدة النثر .كانت الجامعة
مثلهم مثل المبدعين الجادين. دعني أو ّسع النقاش حول هذه -حتى وقت قريب -لا ُت ْقدم
النقطة بالتحديد ،فأنا أؤمن تما ًما على دراسة إنتاج شاعر إلا بعد
أنا أعتبر ميلاد شاعر حد ًثا وفاته ،انطلا ًقا من فرضية عجيبة
عظي ًما يستحق الاحتفاء ،لا ينبغ أ ّن الأعمال الجيدة لا يمكن أن وهي أن التجربة الإبداعية جزء
الشعراء في الأمم بهذه الخ ّفة التي تبقى في الظ ّل طوي ًل؛ فالعمل من التجربة الحياتية ،ولا يمكننا
تشاهدها ك ّل يوم في الأمسيات الجيد يفرض نفسه على الجميع، الحديث عن شعر فلان إلا بعد أن
والندوات ،وقل الأمر نفسه عن ولعلّك تلاحظ أن بعض الروايات نتأكد موته أو صمته التام!!
الجيّدة تحظى بمقاربات عديدة هذا ما أقصده بأن الجامعة
ميلاد النّاقد ،صناعة النّقد من بمجرد صدورها ،وقل الأمر مكبّلة بالتقاليد ،هناك نقاد داخل
أصعب الصناعات ،وهي تحتاج نفسه عن ال ِّشعر ،وفي مقابل الجامعة يؤمنون بحق الشاعر
هذا تقتضي الأمانة أن نقرر في المغامرة والتجريب ،ولا يرون
سنوات عدة من العمل الجاد أن الأعمال الجيدة ُتش ِّكل نسبة غضاضة من مناقشة أحدث
الدءوب. الدواوين ،ولكنهم يفعلون ذلك
ضيئلة وسط هذا الكم غير خارج الجامعة ،ولا يقدمون على
لنتفق إذن على أن المشهد الإبداعي المسبوق من النّشر الذي لم يعد تدريس ذلك لطلابهم ،وإن فعلوا
يعاني خل ًطا إبداعيًّا غير مسبوق،
ويمكن لأي شاعر متوسط الموهبة ذلك فعلى نطاق ضيق.
هل تعتقد أن المتابعات
النقدية للأعمال الأدبية