Page 51 - LEGAL CULTURE
P. 51

‫أدعو الأمم المتحدة بكافة هيئاتها المتخصصة لتتبنى إعلا ًنا عالم ًيا‬
            ‫لواجبات الإنسان نحو الإنسان الآخر ‪ ،‬ونحو وطنه ‪ ،‬ونحو مجتمعه فى‬
            ‫محيطه الإقليمى والدولي‬

            ‫والاعـتـراف بالتنوع والتعدد على مستويات هــذه الـتـربـيـة تـتـرعـرع فــى أحــضــان «الأنــا‬

            ‫المغلقة»‪..‬‬                                         ‫العقيدة والدين والمذاهب واجب ‪،‬‬

            ‫ذلك لأن كل ذلك يشكل الحق الذى ألقاه الوعى لأن بعض العقائد والمؤسسات والإيديولوجيات‬

            ‫تدعى امتلاك الحقيقة‪ ،‬أو تزعم أن قواعدها‬            ‫الكونى على عاتقي‪.‬‬

            ‫ومـن المفارقات الصارخة التى نعيشها هذه وشرائعها ونظمها ومعتقداتها تسمو على كل ما‬

            ‫الأيـام ‪ -‬وبعد مـرور ‪ 75‬عا ًما من الزمان على جاء فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان أو غيره‬
                                ‫صـدور هذا الإعـان‪ -‬هو أن ثمة فئات بشرية من نواتج العمل البشرى ‪،‬‬

            ‫فى دولة أو دول بعينها تدعى حق وجودها وحده‪ ،‬الأمر الذى يجعلها فى غنى عن العمل به أو‬

            ‫وحـق التدخل فى حق غيرها‪ ،‬وتعتقد جازمة الأخذ بمبادئه‪.‬‬

            ‫بامتلاك الحقيقة المطلقة‪ ،‬الأمر الذى يشير إلى وتدعى أن الحقوق الحقيقية قائمة فى صلب‬

            ‫مشاهدة الحقوق كاملة فى ثنايا مصلحتها فقط‪ ،‬الإعـان أو التشريع الـذى تدعيه أو تزعمه أو‬

            ‫دون أن تأبه لا للقانون الدولى ‪،‬ولا حتى لأبسط تعتقد به‪..‬‬

            ‫ومن ثم فإن العالم‪ -‬منظوراً إليه عبر مجتمعاته‬       ‫القواعد الأخلاقية والإنسانية !!‬

            ‫وتنسى تلك الكيانات البشرية ( أو تتناسى) الرسمية وغير الرسمية‪ ،‬الصغيرة أو الكبيرة‪-‬‬

            ‫واجبها الأصـيـل فـى أن المطالبة بحقوقها – يقف على شفا هـاويـة الأحــقــاد‪ ،‬والضغائن‪،‬‬

            ‫الحقيقية أو المزعومة ‪ -‬تتوقف تما ًما إذا ما والـنـزاعـات‪ ،‬والـصـراعـات‪ ،‬والانقسامات التى‬
            ‫افتأتت على حقوق الآخرين وحرياتهم فى القول تحـول دون ضبط المفاهيم الـدولـيـة المشتركة‬

            ‫والتفكير والمعتقد طـالمـا الـتـزمـت بالضوابط التى أقرتها الجماعة الدولية عبر منظماتها‬

            ‫وهيئاتها‪ ..‬ومن ثم الممارسات المتعلقة ‪،‬ليس فقط‬      ‫والمعايير الأخلاقية الأصيلة‪.‬‬                   ‫ولئن كان كثير من الساسة والمفكرين قد وجدوا‬
                     ‫بحقوق الإنسان وإنما بواجباته كذلك‪.‬‬                                                       ‫فى هذا الإعـان الوثيقةَ العظمى أو الدستورَ‬
                                                               ‫أعتقد أن السبب الذى أدى إلى عدم‬           ‫	‬    ‫المثالى الذى يبشر بانبثاق عهد جديد ُتشرق فيه‬
            ‫نـحـن بـحـاجـة حقيقية إلــى إعــــادة صياغة‬                                                       ‫شمس العدالة والمساواة والأخـوة‪ ،‬وتؤكد حماية‬
            ‫مفردات ليس فقط الخطاب بل الفكر ذاته سواء‬           ‫التوازن المطلوب بين الحق والواجب يكمن فى‬       ‫حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ‪ ،‬فإن آخرين‬
            ‫الثقافى أو الاجتماعى أو القانونى والعقدى ‪..‬‬                                                       ‫تمنوا لو استطاعت الجمعية العامة أن ُتصدر‪،‬‬
            ‫لتوضح وتحدد إشكاليات العلاقات المتداخلة ‪-‬‬          ‫مفهوم التربية الانفعالية ( الإقصائية ) التى‬    ‫إلــى جـانـب هــذا الإعــان‪ ،‬إعـانـاً آخــر يؤطر‬
            ‫والمتكاملة كذلك ‪ -‬بين فكرتى الحق والواجب‬
            ‫فى إطار منظومة فكرية ( قانونية واجتماعية‬           ‫نشأت عليها بعض المجتمعات ول ّونت عقولهم‬                                   ‫واجبات الإنسان ‪.‬‬
                                                                           ‫بألوان متنافرة تدعو إلى التناحر‪..‬‬  ‫لأن الواجب مبدأ يتصل بالعطاء والخدمة‬
                                           ‫وأخلاقية) ‪...‬‬
‫يناير ‪2024‬‬  ‫تحتر ُم الآخر وتلتزم بواجباتها قبل أن تطالب‬        ‫نحن بحاجة حقيقية إلى إعادة‬                                                     ‫والتضحية ‪،‬‬
                                                               ‫صياغة مفردات ليس فقط‬                           ‫والعظيم هو الإنسان الـذى يعطى أكثر مما‬
                                              ‫بحقوقها ‪.‬‬        ‫الخطاب بل الفكر ذاته سواء‬
            ‫وهـذا ما يتحقق فى حتمية الوعى بالثقافة‬             ‫الثقافى أو الاجتماعى أو القانونى‬                                                    ‫يأخذ ‪،‬‬
            ‫القانونية فـى أسمى غاياتها وهـى المواطنة ‪،‬‬         ‫والعقدى ‪ ..‬لتوضح وتحدد‬                         ‫ومـن ثـم فـإن الـواجـب هـو حـق الـوجـود على‬
            ‫برافديها ( الحق والواجب ) ‪ ..‬وفى النهاية فإنها‬     ‫إشكاليات العلاقات المتداخلة ‪-‬‬
            ‫تصون حقوق الإنسان ‪ ،‬وترعى حرياته الأساسية‪.‬‬         ‫والمتكاملة كذلك ‪ -‬بين فكرتى‬                                                      ‫الإنسان‪..‬‬
            ‫وأخي ًرا فإننى أدعو الأمم المتحدة بكافة هيئاتها‬    ‫الحق والواجب فى إطار منظومة‬                    ‫فالتضحية واجـب لأنها حق ُيل ِزمنى بخدمة‬
            ‫المتخصصة لتتبنى إعلا ًنا عالم ًيا لواجبات الإنسان‬  ‫فكرية ( قانونية واجتماعية‬
            ‫نحو الإنسان الآخر ‪ ،‬ونحو وطنه ‪ ،‬ونحو مجتمعه‬        ‫وأخلاقية)‬                                                                           ‫غيري‪،‬‬
                                                                                                                                        ‫والعدالة واجب ‪،‬‬
                            ‫فى محيطه الإقليمى والدولي‪.‬‬                                                                            ‫ومحبة الآخرين واجب‪،‬‬
                                                                                                                                    ‫وقبول الآخر واجب‪،‬‬

‫‪51‬‬
   46   47   48   49   50   51   52   53   54   55   56