Page 136 - merit
P. 136

‫العـدد ‪44‬‬                         ‫‪134‬‬

                                  ‫أغسطس ‪٢٠٢2‬‬

                                   ‫د‪.‬عمار علي حسن‬

                                  ‫خيال المحارب‬

    ‫بالخيال العسكري(‪ ،)2‬وجيش‬         ‫ويقر كلاوزفيتس بأن «جميع‬          ‫الخيال المحاربين سواء‬           ‫يفيد‬
   ‫المسلمين انتصر على المشركين‬          ‫القادة العظماء قد تصرفوا‬        ‫وهم يخططون للقتال‪،‬‬
  ‫فى موقعة بدر رغم أنه كان أقل‬                                          ‫من حيث تحديد المكان‬
‫عد ًدا وعدة‪ ،‬وخالد بن الوليد هزم‬     ‫انطلا ًقا من فطرتهم‪ ،‬وحقيقة‬
   ‫الروم فى معركة اليرموك بقوة‬      ‫أن فطرتهم كانت دائ ًما سليمة‬           ‫والزمان والوسائل‬
                                                                            ‫والمقاتلين‪ ،‬أو وهم‬
     ‫أقل من عشر قوتهم‪ ،‬والبطل‬          ‫هي جزئيًّا مقياس لعظمتهم‬        ‫يديرون المعركة في الميدان نفسه‪،‬‬
     ‫الإغريقى ليونيداس استطاع‬        ‫وعبقريتهم الطبيعية»‪ .‬ويعود‬           ‫بعد أن تقرع الطبول وتنطلق‬
    ‫برفقة ثلاثمائة رجل أن يعيق‬     ‫تركيز كلاوزفيتس على الحدس‬             ‫حمم النار‪ ،‬وكذلك حين يجلس‬
   ‫تقدم جيش الفرس الجرار من‬                                           ‫هؤلاء ليتصوروا شكل الحرب في‬
 ‫ممر ترموييل حتى سقط ورفاقه‬            ‫أكثر من التفكير الواعي إلى‬
    ‫بعد أن قتلوا أضعاف عددهم‪،‬‬       ‫درايته بأن الحروب لا تديرها‬                             ‫المستقبل‪.‬‬
   ‫ومهدوا الطريق لبلد صغير هو‬       ‫المعادلات الحسابية على الورق‬       ‫وربما قاد «الخيال الاستراتيجي‬
   ‫إسبرطة كى ينتصر فى النهاية‬
   ‫على إمبراطورية الفرس القوية‪.‬‬         ‫إنما التصرف في الميدان(‪.)1‬‬         ‫للمحاربين» إن صح التعبير‬
                                      ‫إننا إن أمعنا النظر في مسار‬            ‫مجالات عدة في الحياة إلى‬
       ‫وبضعة آلاف من المقاتلين‬                                              ‫التطور والتقدم خطوات إلى‬
 ‫اللبنانيين تمكنوا من صد الجيش‬          ‫التاريخ سنجد أن نابليون‬
                                       ‫قد حقق انتصاراته بالخيال‬          ‫الأمام‪ ،‬من زاوية أن كثي ًرا من‬
    ‫الإسرائيلى في صيف ‪،2006‬‬         ‫العسكري‪ ،‬ونقل هانيبال أفياله‬        ‫الاختراعات الحديثة خرجت من‬
   ‫وقبله استطاع أطفال فلسطين‬           ‫من قرطاجة إلى روما أي ًضا‬
    ‫أن يتصدوا للدبابات والبنادق‬        ‫بالخيال العسكري‪ ،‬وأسس‬             ‫رحم الصناعات العسكرية‪ ،‬أو‬
‫بكومات من حجر‪ ،‬ويحققوا نص ًرا‬         ‫الإسكندر الأكبر إمبراطورية‬          ‫كان التفكير في كسب الحرب‬
                                  ‫الشرق‪ ،‬ود َّك جنود مصر الساتر‬       ‫داف ًعا للتوصل إليها‪ ،‬والحاجة إلى‬
                                        ‫الترابي بمدافع المياه أي ًضا‬  ‫الهيمنة أو الردع هي أم اختراعها‪.‬‬
   131   132   133   134   135   136   137   138   139   140   141