Page 141 - merit
P. 141

‫‪139‬‬  ‫تجديد الخطاب‬

    ‫وكان الأكثر إثار ًة واتسا ًقا في‬   ‫بشكل متزامن‪ ،‬ونشوب توترات‬             ‫نحو طبيعي‪ .‬يمد الرجل ذرا ًعا‬
   ‫هذا التطور هو مجال الحروب‬          ‫في دول البلطيق‪ ،‬واحتمال حدوث‬             ‫لكي يتلمس طريقه إلى عدوه‬
  ‫وصناعات الأسلحة‪ ،‬على امتداد‬                                                  ‫(استكشاف)‪ .‬وحينما يلمس‬
    ‫تاريخها‪ .‬إنها مسيرة تكررت‬              ‫انقلابات عسكرية تهدد أمن‬
   ‫فيها إعادة تعريف التكنولوجيا‬        ‫أمريكا ومصالحها أو قيام حرب‬         ‫خصمه يتحسس طريقه إلى رقبة‬
‫المتقدمة‪ ،‬وتطبيقاتها لإنتاج معدات‬                                            ‫الأخير (استطلاع) وبمجرد أن‬
‫جديدة ذات تعقيد تكنولوجي أبعد‬              ‫بين فصائل الجيش الفلبيني‬          ‫يبلغها يمسكه من ياقته أو من‬
‫من الخيال في كثير من الأحيان(‪.)9‬‬        ‫بعد تخفيض الوجود العسكري‬           ‫رقبته حتى لا يتمكن خصمه من‬
                                       ‫الأمريكي هناك‪ ،‬وإمكانية تحالف‬
        ‫فمجال الحروب‪ ،‬فنونها‬                                              ‫الفكاك أو الرد عليه بطريقة مؤثرة‬
 ‫واستراتيجياتها وأدواتها‪ ،‬تشهد‬             ‫الإرهابيين وتجار المخدرات‬           ‫(تثبيت)‪ ،‬ثم يضرب بقبضته‬
                                          ‫والعصابات في بنما بما يهدد‬
   ‫تطورات لا تنقطع‪ .‬فعلى سبيل‬             ‫الملاحة‪ ،‬واحتمال قيام روسيا‬      ‫الثانية عدوه‪ ،‬الذي أصبح عاج ًزا‬
 ‫المثال دفعت الحرب «اللامتماثلة»‬           ‫بعملية عسكرية توسعية في‬        ‫عن تفادي الضربة‪ .‬ضربة قاضية‬
                                      ‫أوروبا(‪ .)6‬ورغم أن هذه الحروب‬
  ‫والإرهاب الدولي الدول الكبرى‬            ‫المتخيلة لم تقع فإنها ساهمت‬        ‫حاسمة (هجوم حاسم)‪ ،‬وقبل‬
     ‫إلى تطوير قدرات وتدريبات‬              ‫في تعزيز جاهزية العسكرية‬        ‫أن يستطيع عدوه أن يفيق يتابع‬

    ‫جيوشها بما يتناسب مع هذا‪،‬‬                      ‫الأمريكية وتفوقها‪.‬‬         ‫وضعه المميز لكي يجعله فاقد‬
   ‫إلى جانب التوسع في استخدام‬         ‫لكن الحاجة إلى الخيال لا تقتصر‬            ‫القوة نهائيًّا (استثمار)»(‪.)5‬‬
    ‫الآليات الموجهة‪ ،‬وعلى رأسها‬
 ‫«الطائرات من دون طيار»‪ ،‬وبات‬                ‫على إبداع طرق أو أساليب‬          ‫وهناك رؤى عملية أشمل عن‬
   ‫الطريق واس ًعا أمام المستويات‬      ‫للتعامل مع الميدان أو التفكير فيما‬       ‫سيناريوهات وضعت لحرب‬
   ‫المتزايدة من الروبوتات الذكية‪،‬‬      ‫سيجري فيه‪ ،‬إنما تمتد إلى تخيل‬            ‫قادمة‪ ،‬مثل تلك التي حواها‬
 ‫التي سيكون لها مكان راسخ في‬                                               ‫تقرير أعده مجموعة من الخبراء‬
  ‫ساحات معارك الغد‪ ،‬وستشهد‬              ‫وضع الحرب في المستقبل‪ ،‬وما‬             ‫الأمريكيين برئاسة الأميرال‬
‫حروب المستقبل «تشكيلة متنوعة‬          ‫إذا كانت ستظل مرتبطة بدوافعها‬
  ‫من الروبوتات من حيث الحجم‬                                                      ‫دافيد جيرميه نائب رئيس‬
‫والتصميم والقدرات والاستقلالية‬             ‫القديمة مثل تحقيق المصلحة‬        ‫هيئة الأركان المشتركة‪ ،‬يعرض‬
                                        ‫وتعزيز المكانة والانتقام وحفظ‬
        ‫والذكاء‪ ،‬وستبني الخطط‬         ‫الأمن‪ ،‬أم أن قيو ًدا جديدة ستطرأ‬         ‫مسارات الصراعات المحتمل‬
  ‫والاستراتيجيات والتكتيكات في‬         ‫على الدول في اتخاذ قرار الحرب‬        ‫وقوعها بقوة بعد انتهاء الحرب‬
                                      ‫على خلفية أي من هذه الدوافع(‪.)7‬‬
    ‫تلك الصراعات المستقبلية على‬       ‫وفي كل الأحوال فإن باب التفكير‬           ‫الباردة بين الولايات المتحدة‬
   ‫عقائد جديدة هي الآن في طور‬            ‫سينفتح على مصراعيه ليتخيل‬         ‫والاتحاد السوفيتي المنهار وعقب‬
   ‫التكون‪ ،‬ويحتمل أن تشمل كل‬                                               ‫حرب الخليج ‪ ،1991‬ويحدد عدد‬
   ‫شيء‪ ،‬بد ًءا بالسفن الروبوتية‪،‬‬          ‫شكل الحروب ونوع السلاح‬
  ‫وأسراب الطائرات غير المأهولة‬           ‫المستخدم فيها والمهام الجديدة‬       ‫ونوعية القوات والأسلحة التي‬
  ‫المستقلة إلى محاربي الحجيرات‬                                               ‫ستستخدمها القوات الأمريكية‬
     ‫المكعبة الذين يديرون الحرب‬            ‫التي ستجد الجيوش نفسها‬
                                      ‫أمامها والأماكن التي ستطلق فيها‬              ‫والميزانية اللازمة لذلك‪.‬‬
     ‫من مسافة بعيدة‪ ،‬وقد تمثل‬         ‫النيران(‪ .)8‬وفي كل الظروف أي ًضا‬           ‫وحدد التقرير نطا ًقا زمنيًّا‬
‫القوات التي تخوض تلك الحروب‬            ‫ستبقى الحرب هي «أزميل سيء‬          ‫يتراوح بين عامي ‪ 1994‬و‪،1999‬‬
                                       ‫لنحت الغد» كما قال مارتن لوثر‬         ‫متصو ًرا سبعة أزمات محتملة‬
      ‫حكومات أو مجموعات عير‬                                                    ‫قد تجر واشنطن إلى الحرب‬
 ‫حكومية على السواء‪ ،‬وربما حتى‬                                  ‫كينج‪.‬‬           ‫وهي‪ :‬تهديد جديد في منطقة‬
  ‫أنا ًسا مهووسين يمتلكون قدرة‬         ‫لقد بات من الواضخ أن ثمة عدد‬          ‫الخليج على يد العراق‪ ،‬وهجوم‬
                                                                            ‫مباغت من قبل كوريا الجنوبية‬
                                           ‫قليل من المجالات قد شهدت‬          ‫على جارتها الشمالية‪ ،‬وإمكانية‬
                                       ‫فيها مسيرة البشر تطو ًرا هائ ًل‪،‬‬        ‫حدوث هذين السيناريوهين‬
   136   137   138   139   140   141   142   143   144   145   146