Page 142 - merit
P. 142

‫عيون عموم الناس‪ ،‬لكنهم هم‬                                  ‫العـدد ‪44‬‬                         ‫‪140‬‬
    ‫الذين سيدفعون ثمنها أي ًضا‪،‬‬
 ‫سواء الأفراد أو الشركات العامة‬                                            ‫أغسطس ‪٢٠٢2‬‬   ‫على الفتك كانت من قبل في أيدي‬
                                                                                       ‫الدول‪ ،‬وفي تلك المعارك ستضطلع‬
                  ‫والخاصة(‪.)14‬‬        ‫مجموعة متنوعة من الأفراد غير‬
  ‫وتختلف مجالات الحروب تلك‬           ‫العسكريين‪ ،‬الذين سيكون الكثير‬                        ‫الآلات بأدوار أكبر‪ ،‬لا في تنفيذ‬
 ‫عما تسمى «حرب الأفكار» التي‬          ‫منهم متعاقدين لتنفيذ مهام غير‬                     ‫المهمات فحسب‪ ،‬بل وفي التخطيط‬
  ‫تقوم على الدعاية‪ ،‬وهي «ذخائر‬
 ‫ينتجها العقل‪ ،‬وتوجه إلى العقل‪،‬‬          ‫عسكرية تعتبر مهمة‪ ،‬ولكنها‬                                       ‫لها أي ًضا»(‪.)10‬‬
   ‫وتعد أسلحة أثبتت أنها لا تقل‬         ‫تتطلب أفرا ًدا غير ماهرين‪ .‬إن‬                     ‫وراحت تظهر اتجاهات جديدة‬
  ‫أهمية عن أي من الأسلحة التي‬         ‫جيش المستقبل سوف يشبه قوة‬                          ‫في العلاقات المدنية‪ -‬العسكرية‪،‬‬
                                      ‫متكاملة البنية‪ ،‬مع تزايد الأدوار‬                 ‫وأخذ القادة المدنيون والعسكريون‬
           ‫ابتكرها الإنسان»(‪.)15‬‬        ‫التي يقوم بها الأفراد المدنيون‬
   ‫والحديث عن خيال المحارب لا‬           ‫والمتعاقدون أكثر من أي وقت‬                              ‫يتفاعلون على المستويات‬
    ‫بد أن يتطرق إلى خيال القادة‬        ‫مضى‪ .‬وقد لا يكون الجيش هو‬                               ‫الاستراتيجية والعملياتية‬
 ‫الذين قادوا بلادهم في الحروب‪.‬‬           ‫العنصر الأكبر‪ ،‬لكنه سيكون‬                       ‫والتكتيكية في آن‪ ،‬وينتقلون من‬
   ‫فإذا كان من السهل أن نتلمس‬          ‫العنصر الأهم من حيث ضمان‬                            ‫مجرد التعايش إلى التعاون في‬
 ‫الطريق سري ًعا في هذا إلى القادة‬                                                           ‫بناء القدرات‪ ،‬وفهم واحترام‬
    ‫السياسيين‪ ،‬فإن بعض القادة‬                       ‫أمن العمليات»(‪.)11‬‬                 ‫التفويضات الضرورية والمستقلة‪،‬‬
   ‫العسكريين أي ًضا يلعبون دو ًرا‬    ‫وظهرت ألون أخرى من الحروب‪،‬‬                        ‫وتعزيز أدوات الاتصال ومجالات‬
‫كبي ًرا في بناء أممهم إن كان لديهم‬   ‫ستتعزز في المستقبل‪ ،‬مثل «حرب‬
 ‫خيال‪ ،‬ولهذا لم يكن مستغر ًبا أن‬                                                                      ‫التعليم والتدريب‪.‬‬
  ‫يصدر مايكل لي لاننج تصنيفه‬           ‫الشبكات» التي تبدو جذابة على‬                       ‫وتعزز دور القطاع الخاص في‬
‫لأكثر القادة العسكريين تأثي ًرا في‬         ‫نحو خاص لأطراف مؤثرة‬                            ‫العمليات العسكرية عبر إعداد‬
                                          ‫دون الدولة‪ ،‬مثل التنظيمات‬                     ‫الجيوش وتجهيزها‪ ،‬والمشتريات‬
                 ‫التاريخ بقوله‪:‬‬
         ‫«لا شك في أن المبعوثين‬        ‫الإرهابية‪ ،‬والمنظمات الإجرامية‬                       ‫الدفاعية‪ ،‬وإدارة المشروعات‬
       ‫والدبلوماسيين والمفكرين‬       ‫العابرة للدول‪ ،‬وجماعات الضغط‬                              ‫وتطويرها‪ ،‬وتصاعد دور‬
 ‫والفلاسفة قد ساهموا في حركة‬
   ‫التاريخ وشكلوا منعطفاته‪ ،‬بيد‬           ‫السياسي المتطرفة‪ ،‬ويصعب‬                       ‫المتعاقدين في الحروب من مقاولي‬
    ‫أنهم لم يتصدروا التاريخ إلا‬      ‫هزيمتها لغياب هدف واحد يؤدي‬                           ‫خدمات دعم القوات‪ ،‬ومقاولي‬
   ‫تحت حماية القادة العسكريين‬
     ‫الذين عملوا على ضمان بقاء‬          ‫تدميره إلى إنهاء وجود الشبكة‬                    ‫دعم المنظومات‪ ،‬ومقاولي خدمات‬
     ‫أسلوب الحياة‪ ،‬الذي اختاره‬            ‫بالكامل(‪ .)12‬وهناك من يطلق‬                                   ‫الحماية الأمنية‪.‬‬
   ‫أولئك الرواد‪ .‬إن أكثر الزعماء‬
‫نفو ًذا في تاريخ العالم لم يأتوا من‬     ‫عليها حرب الإنترنت‪ ،‬التي يتم‬                    ‫كل هذا سيجعل الجيش في القرن‬
‫دور العبادة‪ ،‬ولم تقدمهم ردهات‬        ‫شنها بواسطة الحواسيب المتقدمة‬                       ‫الحادي والعشرين يبدو مختل ًفا‬
‫الحكم أو المراكز البحثية‪ ،‬ولكنهم‬
  ‫جاؤوا من صفوف العسكريين‪،‬‬              ‫وشبكة الإنترنت‪ ،‬بغية إحداث‬                          ‫ج ًّدا عن الجيوش التي واجه‬
     ‫جنو ًدا وبحارة‪ .‬وعلى امتداد‬       ‫ضرر بنظم معلومات الخصوم‪،‬‬                            ‫بعضها بع ًضا حلال السنوات‬
    ‫الزمن‪ ،‬تمكنت الشعوب‪ ،‬التي‬           ‫وفي المقابل توجد حرب دفاعية‬                    ‫الأخيرة من الحرب الباردة‪ ،‬حيث‬
‫حظيت بعظماء القادة العسكريين‬                                                                ‫من المنتظر أن «يكون الجيش‬
                                         ‫من النوع نفسه لحماية النظم‬                         ‫أصغر‪ ،‬وأكثر مرونة‪ ،‬وقاد ًرا‬
                                       ‫الخاصة بالمهاجمين‪ ،‬وهناك من‬                         ‫على توجيه ضربة أكبر بكثير‬
                                       ‫يطلق عليها حرب المعلومات(‪.)13‬‬                      ‫مما يوحي به حجمه‪ ،‬وسيكون‬
                                      ‫إنها حرب «الفضاء الإلكتروني»‪،‬‬                     ‫مملو ًءا بالجنود المحترفين للغاية‬
                                        ‫التي لا يمكن التعامل معها على‬                  ‫والقادرين على تنفيذ مهام متعددة‬
                                       ‫أنها نوع نظيف من الحروب لا‬                       ‫لم تكن تنفذها فيما مضى سوى‬
                                     ‫ضحايا فيها‪ ،‬ومن ثم يمكن تبينها‬                     ‫وحدات خاصة‪ .‬وسيرافق هؤلاء‬
                                      ‫لتجنب شرور الحروب التقليدية‪،‬‬
                                     ‫ففي الحقيقة هي نوع من الحرب‬                              ‫الجنود إلى ميدان العمليات‬

                                         ‫السرية التي تبقى خافية على‬
   137   138   139   140   141   142   143   144   145   146   147