Page 144 - merit
P. 144
حياته الأديب الكولومبي الحائز العـدد 44 142
على جائزة نوبل جابرييل جارثيا
ماركيز فكتب عنها رواية شهيرة أغسطس ٢٠٢2 وهاهو ونستون تشرشل ،الذي
يراه البريطانيون أعظم زعيم بل
عنوانها «الجنرال في متاهة». وعظاته ،وبالتالي امتلك قدرة أعظم رجل مر في تاريخ بلادهم،
والرجل الذي ألهب خيال بوليفار فائقة على تخيل ما سيأتي ،فكلما يعطي مث ًل ناص ًعا على مدى أن
كانت تعترضه مشكلات معقدة،
بفكرة الحرية والاستقلال هو يكون القائد السياسي يتمتع
أستاذه سيمون رودريجس ،الذي قد يشعر غيره أنها بلا حلول، بقدرة هائلة على توظيف الخيال
علمه كيف يكره الاستعباد ويثور يستدعي معرفته التاريخية،
عليه ،ونبهه إلى أهميه مطالعة ما في خدمة سياساته ،لاسيما
كتبه المبشرون بالثورة الفرنسية ويطرح اقتراحات غير تقليدية، أن تشرشل كان فنا ًنا مزدوج
جعلته قائ ًدا عظي ًما ليس في تاريخ الموهبة ،فهو رسام وأديب ،كتب
من أمثال جان جاك روسو بلاده فحسب ،بل في تاريخ العالم مذكراته بلغة سردية فياضة
ومونتسكيو ،وأخذ عليه عه ًدا فوق بأسره ،لاسيما بعد انتصاره في جعلت الهيئة القائمة على جائزة
قمة جبل أفنتينو في روما ،خلال الحرب العالمية الثانية. نوبل تمنحها له في الآداب.
جولتهما الأوروبية ،أن يكرس لكن خيال القادة المحاربين، ولعل بعض المقولات التي أطلقها
حياته من أجل استقلال بلاده. وقدرتهم على إلهام من حولهم،
واقترب بوليفار من نابليون لا يقتصر فقط على حالات تشرشل تبين ،إن حللناها على
بونابرت نفسه حين سافر إلى النصر ،بل يمكن للقائد أن يلهم نحو دقيق ،مدى حضور الخيال
فرنسا ،وتأثر به كثي ًرا ،وصار غيره حتى بعد هزيمته ،وانهيار
مشروعه ،لأنه يترك خلفه ما يفيد في رأسه وهو يفكر في الحياة
مثله الأعلى في مقتبل حياته ،بعد من يأتون بعده ،حين يتفادون السياسية سواء في أوقات
أن رأى فيه رج ًل مجر ًدا من كل ما قاد إلى الهزائم ،ويحفظون
للقائد الذي كان له شرف المحاولة سكونها واضطرابها على حد
المطامع والرغبات وبط ًل للحرية هيبته ومكانته وموقعه في تاريخ سواء.
والإخاء والمساواة ،إلى أن راجع
بلادهم. فها هو يقول« :التاريخ سيكون
موقفه منه بعد أن تم تتويجه هذه الحالة تنطبق على سيمون لطي ًفا معي ،فأنا أنوي كتابته».
إمبراطو ًرا ،ورآه يفعل كل ما بوليفار ( )1830 -1783بطل «إن السياسي الجيد هو ذاك الذي
تحرير قارة أمريكا اللاتينية، يمتلك القدرة على التنبؤ ،والقدرة
يتناقض مع مبادئ الثورة. الذي تصدى للاستعمار ببسالة، ذاتها على تبرير لماذا لم تتحقق
إن خيال بوليفار السياسي كان بعد عشرة أجيال من الخضوع نبوءته»« .إمبراطوريات المستقبل
يدفعه في طريق المحررين العظام، هي إمبراطوريات العقل»« .سر
والقادة الملهمين لشعوبهم ،وليس لسلطانه الظالم ،وتمكن من الحقيقة ليس أن نفعل ما نحب،
أولئك الذين يبحثون عن المناصب تخليص عدة دول من بين بل أن نحب ما نفعل»« .الوطن
أنيابه ومخالبه ،بفضل عبقريته شجرة طيبة لا تنمو إلا في تربة
السياسية ،ويجعلونها نهاية ومواهبه الاستثنائية وإيمانه
لحركة كفاحهم ،ثم ينقلبون فيها العميق بالحرية ،وقد برع في التضحيات وتسقى بالعرق
وبها على كل الأفكار التي آمنوا مجالات الحرب ،وأبدع فيها طر ًقا والدم»« .الذكي من لا يرتكب كل
بها .وفي الحقيقة «لم يكن لدى أي غير مألوفة ،وفي السياسة بدا الأخطاء بنفسه ،بل يترك الفرصة
زاه ًدا في مناصبها مكتفيًا بتقديم
سياسي من معاصري بوليفار تصورات حول الحكم والوحدة، لغيره».
خلال ثورة أمريكا اللاتينية من وفي الأدب ،حيث كان خطيبًا إن هذه المقولات المنتقاة من أقوال
كان لديه ما له من نفاذ البصيرة بار ًعا ،وكاتبًا موهو ًبا ،تدل على تشرشل الغزيرة ،تعطي مؤش ًرا
وأصالة التفكير السياسي وقدرته هذا رسائله التي كانت كتبها
الخلاقة ..وإن كان من بين بعض في عفوية وتلقائية .وقد ألهمت جي ًدا على حضور خياله كقائد
سياسي ،كان مول ًعا إلى حد بعيد
معاصريه من كانوا يفوقونه بقراءة التاريخ في إمعان شديد،
والاستفادة القصوى من عبره