Page 151 - merit
P. 151

‫‪149‬‬  ‫تجديد الخطاب‬

                                      ‫د‪.‬عزيز بعزي*‬

                                              ‫(المغرب)‬

‫ما بعد موسى (التوراة)‬
‫غير موسى (بن ميمون)‬

 ‫كان تلمي ًذا عند «الحاخام يوسف‬       ‫القرطبي الإسرائيلي»‪ ،‬وباليونانيَّة‬      ‫المقولات المشهورة في‬        ‫من‬
   ‫بن ميغاش»؛ الذي تعلَّم بدوره‬                     ‫«موزيس ميمونا»‪.‬‬        ‫تاريخ الفكر اليهودي «لم‬
  ‫عند «الحاخام إسحاق الفاسي»‪.‬‬                                               ‫يظهر رجل كموسى من‬
   ‫وقد انتقلت عائلته بعد ذلك إلى‬       ‫ففي عام ‪529‬ﻫ ‪1135‬م ولد ابن‬          ‫أيام موسى إلا موسى»‪،‬‬
    ‫فلسطين عام‪ ،1165‬واستقرت‬           ‫ميمون بقرطبة‪ ،‬ولما استولى عليها‬
    ‫في النهاية بمصر؛ حيث درس‬                                                    ‫وترجع جذورها التاريخية‬
                                       ‫الموحدون سنة ‪1148‬م‪ ،‬اقترحوا‬           ‫(أصلها) بالتحديد إلى القرون‬
  ‫في مدرسة دينية بالقاهرة‪ ،‬وهي‬            ‫على الجالية اليهودية الموت أو‬
  ‫ملحقة بالمعبد اليهودي الصغير‬                                                 ‫الوسطى‪ .‬وقد اعتاد اليهود‬
‫الذي يحمل اسمه الآن ‪-‬لأنه كان‬          ‫النفي أو الإسلام‪ ،‬وعليه اختارت‬      ‫عمو ًما أن يرددوها للإشارة إلى‬
‫يلقي الدروس الدينية بهذا المعبد‪-‬‬       ‫عائلة موسى بن ميمون‪ ،‬كمعظم‬         ‫أشهر شخصية يهودية في المكانة‬
   ‫وأصبح بعد ذلك نقيبًا للطائفة‬                                             ‫والعلم برزت بعد النبي موسى‬
   ‫اليهودية‪ ،‬وطبيبًا لبلاط صلاح‬                    ‫يهود قرطبة النفي‪.‬‬      ‫‪-‬بن قاهث بن عازر بن لاوى بن‬
                                         ‫آنذاك راح اليهود يتجولون في‬        ‫يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم‬
                  ‫الدين الأيوبي‪.‬‬           ‫جنوب إسبانيا‪ ،‬حتى وصلوا‬          ‫عليهم السلام‪ -‬وهي شخصية‬
       ‫هناك مثل منقوش على قبر‬
 ‫موسى بن ميمون يقول‪« :‬ما بعد‬                ‫إلى مدينة فاس عام ‪1160‬م‬            ‫موسى بن ميمون (‪-1138‬‬
    ‫موسى (التوراة) غير موسى‬             ‫التي استقروا فيها؛ بعد ادعائهم‬    ‫‪1204‬م)‪ ،‬المعروفة بأسماء عديدة‬
  ‫(بن ميمون)»‪ ،‬وهذا يشير عمليًّا‬                                          ‫أبرزها «ميموناي»‪ ،‬أو «رام بام»‪،‬‬
 ‫إلى منزلة ابن ميمون لدى اليهود‬            ‫الإسلام‪ ،‬إذ إن غير المسلمين‬
   ‫خاصة‪ ،‬المرتبطة بطبيعة الحال‬        ‫(اليهود والنصارى) لا يسمح لهم‬         ‫وهي الأحرف الأولى من الاسم‬
‫بقيمته العلمية والفكرية؛ لذلك ع َّده‬                                           ‫«رابي موشيه بار ميمون»‪،‬‬
‫البعض بالنبي موسى الثاني؛ بعد‬                                   ‫ذلك‪.‬‬
                                      ‫الثابت أن الاستقرار بمدينة فاس‪،‬‬      ‫والمشهورة أيضا بالعبر َّية باسم‬
                                                                           ‫«موشيه بن ميمون»‪ ،‬وبالعربيَّة‬
                                        ‫دفع ابن ميمون إلى تلقي معظم‬          ‫«أبو عمران موسى بن ميمون‬
                                      ‫معارفه العلميَّة‪ ،‬من خلال دراسته‬

                                         ‫في القرويين‪ .‬كما تتلمذ على يد‬
                                          ‫والده «الحاخام ميمون» الذي‬
   146   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156