Page 30 - merit
P. 30
العـدد 44 28
أغسطس ٢٠٢2
بما أنها صور بصرية خالصة فإنها تحتاج إلى التاريخ بوقائعه وأحداثه ن ًّصا عمي ًقا يعد
قراءة.. تؤسس عليه القصيدة الحديثة بناءها
الجمالي وغايتها الدلالية ،ويتحدد جمالها
المشهد الأول: بما تتركه من فجوات واختيار بعض
الروم غارقة في سكرها منتشية بالملك قد الأحداث دون بعض ،وبما تتخذه زاوية
أسكرها زهو القيصرية ويأتيها يسوع (رمز الرؤية التي تصبح المنظار الذي نرى به الوقائع
الدين) في المساء فتوقد شمعتها للعبادة والتوبة التاريخية من جديد ،فنستبصر الواقع والمستقبل
من أخطاء الصباح ،فالمقطع موزع بالطباق
بين :قيصر /المسيح ،الصباح /المساء ،النخب/ من خلالها.
الشمعة أي :بين السلطة الزمنية المهيمنة في عندما نقرأ قصيدة الشاعر حاتم الأطير( :ثورة
الصباح والسلطة الدينية في الليل بين النخب
رمز النشوة والعربدة والزهو وبين الشمعة المدثر) من ديوانه( :مسجد على القمر) نجد
رمز التبتل والطهر واحتراق الجسد في سبيل أنها تنتمي إلى حزمة من القصائد قد تأسس
التضحية والفداء ،فالتضاد الحادث في المقطع النص الشعري فيها على تفكيك حوادث التاريخ
رسم مشه ًدا للتنازع بين متطلبات الجسد وبين وشعرنتها وإعادة بنائها داخل النصوص من
متطلبات الروح ،وصور أزمة تهدد كيان روما
وما روما إلا فتاة القصر وتحتاج إلى من يحل خلال تشغيلها فنيًّا وجماليًّا فقصائد مثل:
المعضلة ،إلى من يزاوج بين السبيلين :سبيل (بلال)( ،مار جرجس)( ،الغار)( ،الزنجبيل)،
الروح وسبيل الجسد ،ومحمد كان هذا السبيل خطابها الشعري يمتص التاريخ ويعيد ترتيب
الذي سيحل المعضلة .ويوحي الجناس الناقص
بين القصر /قيصر بهيمنة السلطة الزمنية أحداثه التي تعبر عن روح عصره ويجعلها
المادية على السلطة الروحية ،كما يتضح من متوهجة وفق رؤى فنية خالصة.
خلال الأفعال داخل المقطع ،فالفعل (تشرب)
فعل إرادي أما فعل (يوقظها) ففاعله يعود على أولا :قراءة المشاهد البصرية
المسيح وهو من خارج الذات ،فكأن روما تحتاج
البيد الفرس الجملة الأولى:
دائ ًما إلى من يوقظها.
المشهد الثاني: قهقة القوافل روما
أهلها عرب
نرى حضارة غارقة في ملذات العري والتحلل يسمون سمار موسيقيون فتاة القصر
والتفسخ الأخلاقي والسمر والنوم ،ولعل ذلك حول أميرهم تشرب نخب
الحياة غزالة
كان من حالة الشيوع الجنسي التي أرساها أنسابهم والعاريات يجئن قيصر في
(مزدك)* في الأجساد ،والحضارات عندما تؤول أسيافهم باللغة اللذيذة: الصباح
إلى هذا المرتع الوبيل فإنها –لا محالة -ساقطة، (نم سعي ًدا يا وفي المساء
ماشون في يسوع يوقظها
وتوحي بالطبقية التي حكمت على الناس أن الأسواق أمير الناس خرس فتوقد شمعة
يكملوا حياتهم داخلها ،بينما الخزائن ملأى، والخزائن آمن
والخرس قد أصاب الناس ،والمقطع متوتر يبدو ملء كفوفهم ياقوتها)
فيه صخب الموسيقى في مقابل خرس الناس، أربابهم
ويظهر فيه الصوت( :نم سعي ًدا يا أمير) هذا
الصوت داخل المقطوعة يوحي بالتملك والسيطرة الكلمات التي في أول كل مشهد مثل( :روما-
والتحكم في مقاليد الأمور ،فالحوار يكشف الفرس -البيد) هي إشارات سيمائية تؤكد
عن الشخصية وعن أفكارها ودواخلها ،ولم
مشهدية الصورة من خلال انتقال اللقطات بما
يشبه قلب الكادر السينمائي بين مشهد وآخر
مستخدمة تقنية القطع المتوازي ،وهذه اللقطات