Page 32 - merit
P. 32
التي سوف تصنع المفارقة والتحول نرى حضارة غارقة في ملذات
على المستوى الواقعي من خلال تغير
العالم ،وعلى المستوى الفني من خلال العري والتحلل والتفسخ الأخلاقي
معجم القصيدة وأسلوبية بنائها. والسمر والنوم ،ولعل ذلك كان
ثال ًثا -المفارقة والتحول من حالة الشيوع الجنسي التي
فالبياض الذي يفصل بين الجملتين أرساها (مزدك) في الأجساد،
ينبئنا بأن حد ًثا وشي ًكا سيبدأ،
والواو في أول المقطع (ومحمد) والحضارات عندما تؤول إلى هذا
أنبأتنا أن الجملة الأولى قد انتهت المرتع الوبيل فإنها –لا محالة-
وأن جملة جديدة مغايرة قد تفجرت
أحداثها ،وأن سب ًل تقطعت في طريق ساقطة ،وتوحي بالطبقية التي
الحضارات بعد حالة من التيه حكمت على الناس أن يكملوا
والتشرد وجاء من يعيد الأرض
إلى وجودها من جديد ،هذه الجملة حياتهم داخلها ،بينما الخزائن
الشعرية« :ومحمد كان السبيل
محمدا» هي بيت القصيد ولبنة البناء ملأى ،والخرس قد أصاب الناس!
ومفتتح الثورة في العالمين الواقعي
على مستوى الأحداث التاريخية، سفالة
والفني على مستوى القصيدة ،و(كان) توحي الأرض تسقط في شباك الجاهلية
بأولية الزمن وامتداده للمستقبل ،وتتأطر جثة مخمورة
الجملة باسم النبي مفتت ًحا وختا ًما للتلذذ ومحمد كان السبيل محمدا
بذكره والتعطش إلى سبيله ،والتوكيد من خلال هنا ظهرت شخصية الراوي /الشاعر -على
التكرار على بداية حضوره في القصيدة ،واحتفاء عكس السابق -ليقوم بدوره في دفع الأحداث
بحضرته ،وتشير الجملة من بعيد إلى قوله وتناميها وتشابكها وتعقدها ،فهذا المقطع يعد
تعالىُ « :ق ْل َه ِذ ِه َسبِي ِل َأ ْد ُعو إِ َل ال َّلِ َع َل َب ِصي َر ٍة عر ًضا إجماليًّا لما فصله في المقاطع السابقة ،ويعد
َأ َنا َو َم ِن ا َّت َب َعنِي» .وقد ُشطرت القصيدة إلى تعلي ًقا ختاميًّا من الشاعر لهذا المشهد يؤكد من
نصفين :نصف قبلها يجعلنا نعيد القراءة والنظر خلاله الرسالة التي أضمرت في السرد المشهدي،
في اللقطات السابقة ،ونصف بعدها يرينا حجم ويدفع بمتلقيه إلى ضرورة استدعاء المخلص/
الانقلاب والتغيير الحادث على مستويات عدة المدثر ويهيئه للحظة التنوير /لحظة الثورة قبل
أن تصبح الأرض تفاحة فاسدة:
أهمها:
أ -تحول الهيكل البنائي للقصيدة من الأرض = ظلام
الأرض = سفالة
التزامنية إلى التعاقبية الأرض = جاهلية
الصورة أصبحت تعاقبية لا تزامنية تتسلسل متدر ًجا بالأفعال لحالات تستحضر كابوس
أحداثها ،حدث يؤدي إلى حدث آخر ،فتتنامي النهاية من خلال فعل السقوط المدمر:
الأحداث من ذروة الحدث الفاصل (كان السبيل) توغل = توشك = تسقط
حتى نهاية القصيدة ،وقد لخصت القصيدة
السيرة النبوية عبر محطاتها الرئيسة -وإن