Page 104 - m
P. 104

‫هذا التناسخ والتكرار هو ما يمثل‬

                                  ‫نقاط التلاقي والتعالق التي تنفتح‬

                                  ‫من خلالها بنية‪ /‬قصة كمال المصري‬

                                  ‫المنغلقة على قصة كريم ثابت في‬

                                                  ‫تجاوره له‪ ،‬ومع كل انتقالة لبنية‪/‬‬

                                                  ‫قصة تعطينا البنية‪ /‬القصة في‬

                                                  ‫نهايتها الخيوط التي تربطها‬

                                  ‫بالبنية‪ /‬القصة التالية إلى أن تتلاقي‬

                                                  ‫جميع الخيوط‪ /‬الشخصيات في‬

‫رشاد رشدي‬                                         ‫المشهد الختامي المتحرك كذلك‬

  ‫تسكنه ناهد‪ .‬بيتي‪ ،‬فيما أظن»‬                     ‫حيث اصطفاف الجميع في طابور‬
‫ص‪ ،10‬البيت حيث الزوجة والأبناء‬
                                                  ‫متحرك لركوب الباص‪.‬‬

‫هنا خيار الشخصيات لتحقيق مساحة‬

‫انتماء مفقودة عن عمد أو غير عمد‪،‬‬

‫ووسيلة مواجهة مآسي الهجرة‬
‫حال ورغم كل شيء‪ ،‬وما يحققه هذا الزواج المستقر والغربة والتشرد والشتات‪ .‬إن التشبث بالأسرة هنا‬
‫من تكوين أسرة يمثل التشبث والتمسك بها لحظات نزوع نفسي يتوافق الأبطال على الحاجة إليه «تحول‬
                                                  ‫الثبات والاستقرار‪ ،‬مقابل ديمومة الحركة والتنقل‬
‫الزواج إلى شراكة في البيت‪ ،‬وما يشبه الصداقة‬
‫والترحال‪ ،‬هذا السؤال الذي يلح على (كمال المصري) في الفراش‪ .‬نستعين بالعشرة والمودة على الغياب‬
                                                  ‫في رحلة عودته من عمله إلى بيت أسرته «خمسة‬
‫والغربة» ص‪ ،12‬ثمة وعي بهذا التوافق يسهم في‬
                                                  ‫وعشرون عا ًما‪ ،‬يا إلهي! ترى كم من العمر‬
‫ضمان استمراره‪ ،‬يبرزه تكثيف هذه التيمة عبر‬         ‫انقضى في محطات القطار‪ ،‬وكم من العمر تبقى‬

‫تكرارها الذي يحقق إيغالها وعمقها مع كل قصة من‬     ‫لنا؟» ص‪10‬؛ لذا تمثل لحظة وصوله البيت إنجا ًزا‬

‫قصص هذا العالم الروائي‪ ،‬فقد تكررت تيمة الزواج‬     ‫كبي ًرا «أصل تورونتو بعد منتصف الليل بقليل‪،‬‬

‫المستقر‪ /‬البيت المستقر بتنويعات مختلفة على ألسنة‬  ‫وأستقل سيارة تاكسي للبيت‪ .‬تكون ناهد (أو‬

‫جميع الشخصيات «هي حصلت على بيت واستقرار‬           ‫لا تكون) في انتظاري‪ .‬وصولي عند باب البيت‬

‫مالي وزوج وابنة بالتبني‪ ،‬وأنا حصلت على‬            ‫ولحظة الدخول من أحب اللحظات إلى قلبي‪.‬‬

‫زوجة ذكية‪ ،‬جربت الحياة وعركتها‪ ..‬يرضيها‬           ‫كأن إنجا ًزا كبي ًرا قد ت َّم‪ ،‬كأن الراحة والهناء‬

‫من زواجنا أنه ضامن لحريتها واستمرارها في‬

‫ينتظرانني في آخر الممر‪ .‬يكون مدخل البيت مضا ًء عملها دونما ضغوط مادية تذكر‪ .‬هكذا أفسر‬
                                                  ‫لأجلي‪ ،‬يكون البيت في انتظاري‪ .‬مهم أن ينتظرك‬
‫الأشياء وأمنحها قوا ًما تستند إليه»‪ .‬ص‪78‬؛ لذا‬
‫فما يحدث خارج هذه العلاقة من علاقات متعددة‬        ‫أحد أو شيء عند عودتك من العمل» ص‪.11‬‬

‫البيت هنا يمثل بديل الوطن‪ ،‬هو هذا الانتماء المشوش يقع على هامش مركزيتها ولا يهدد استقرارها «لكني‬
‫لم أفعل شي ًئا من هذا‪ ،‬وهي لم تسأل‪ .‬وظل الحال‬
                                                  ‫الذي ُي َح ِّرك الشوق إليه «أتوق لدفء البيت الذي‬
   99   100   101   102   103   104   105   106   107   108   109