Page 105 - m
P. 105
نون النسوة 1 0 3 على ما هو عليه .لد َّي أسرار أحميها ،وأمنيات لم
تزل تؤرق روحي ،وتوق للسعادة يتسرب من
المصري المنغلقة على قصة كريم ثابت في تجاوره له، ثنايا الذاكرة وفي ذيله مشاهد مرتبكة متواترة،
ومع كل انتقالة لبنية /قصة تعطينا البنية /القصة في تذكرني بسنوات اللهفة والاغتراب والفقد مع
لينا ،وما تلاها من شعور بالاستسلام والأمان في
نهايتها الخيوط التي تربطها بالبنية /القصة التالية
إلى أن تتلاقي جميع الخيوط /الشخصيات في المشهد حظيرة الزواج» ص.33
ظلت هذه التيمة حاكمة للنص وكان التكرار تجليًّا
الختامي المتحرك كذلك حيث اصطفاف الجميع في فنيًّا أساسيًّا لهذا التكثيف التيمي؛ حيث مثل التكرار
طابور متحرك لركوب الباص. تقنية فنية ُمو َظ َفة بدقة ووعي لتحقيق وحدة التيمة
يحدث ذلك عبر ما تصنعه الكاتبة بدقة من علاقات السردية ،ومن ثم وحدة النص ،إن الشخصيات
توا ٍز وتشابه وتكرار بين الشخصيات تربط هذه تتشابه حد التطابق «كأنه خرج من المرآة واتجه
البنى المتعددة والمتجاورة ،يمثل التجاور عنص ًرا نحوي بلا سابق معرفة وقال :أنا أنت» ص،28
أساسيًّا في بناء هذا النص وتتعدد مستوياته بد ًءا وكأن شخصيات العمل تمثل مراحل مختلفة من حياة
من شعور الشخصيات وإحساسها به «بدا لي بعضها «حولت بصري باتجاه عتمة الليل ورأيت
وكأن كل الأشياء تتجاور :مشاعر الحب تجاه شبحينا منعكسين على زجاج القطار .رجل أصلع
ناهد ،الانتماء لشلة المتزوجين ،الروابط بيني تهدلت عضلات وجهه وبطنه ،والآخر أصغر س ًّنا
لكنه في الطريق لمواجهة المصير نفسه» ص،21
وبين الولدين ،رخاء العيش في تورونتو بمرتب
أستاذ جامعي كبير ،وكذلك مصادقة النساء كان هذا التشابه صاد ًما ومرب ًكا لكامل المصري
«اتسعت حدقتا عين َّي وكأني أشهد جريمة مكتملة
خارج الزواج» ص ،16ومرو ًرا بتكوينهم من عدة
هويات متجاورة «كانت بولندية الأب ،ليتوانية الأركان .جريمة انعكاسي في مرآة الزمن بفعل
فاعل غير مرئي» ص.28
الأم» ص« ،45هي ولدت في مونتريال لأب
مصري مهاجر وأم كيبكية» ص« ،57أعتبر نفسي مثل هذا التشابه ،بل الاستنساخ ،وهذه التفاصيل
المتكررة التقنية الفنية التي تصنع تعالق البنيتين
مصرية -جزائرية -أمريكية ،بهذا الترتيب. المتجاورتين لكمال المصري وكريم ثابت ،اللذين
مصرية لأني ولدت بمصر ،جزائرية من الأب،
تجاورا في مقعد القطار في رحلة عودتهما إلى البيت
أمريكية الجنسية» ص.162 «أمد ساق َّي أمامي ،ويمد كريم ساقيه أمامه .أمام
الشخصيات هنا على وعي بهذا التعدد المتجاور، كل منا مقعد شاغر .كلانا يعمل بجامعة وندسور
وفي تقبل له وإفصاح وإعلان عنه ،وعما يستتبعه الكندية ،في الكلية نفسها .كلانا لديه بيت وزوجة
أي ًضا من تكوين تتجاور فيه العناصر والمفردات على في تورونتو .كلانا يسافر يوم الأربعاء باتجاه
اختلافاتها البينية حد التناقض «نشأت نورهان في
كنف أبيها وأمها وكأنها فتاة مصرية خالصة. تورونتو ،ويوم الأحد باتجاه وندسور .كلانا
تستمع لأم كلثوم وعبد الحليم حافظ ،تشاهد لدية ولدان .بيني وبينه عشرون عا ًما ،وبين
أفلام نجيب الريحاني وإسماعيل ياسين وفؤاد كل ابن من أبنائنا عشرون عا ًما .لكن مه ًل .تلك
المهندس ،تعشق الملوخية بالبط ،تتحدث العربية المرآة الافتراضية لا تعكس التشابه فقط ،بل
تعكس الاختلاف أي ًضا .بيننا اختلافات في الهيئة
ولا تقرؤها ،لكنتها الكيبكية تختلط بلكنة والملبس ..نحن بالتأكيد شخصان مختلفان .أقول
الفرنكوفونيين من أصول مصرية ،تمارس شعائر هذا مطمئ ًنا نفسي ،طار ًدا الهواجس ،محد ًقا في
رمضان مع أبيها وتذهب من آن لآخر لحضور فراغ الحقول .ما معنى هذا؟» ص.27
قداس كنيسة سان جوزيف مع أمها ،فض ًل عن هذا التناسخ والتكرار هو ما يمثل نقاط التلاقي
اجتماعات حزب كيبك الليبرالي الذي كانت أمها والتعالق التي تنفتح من خلالها بنية /قصة كمال
تعمل سكرتيرة في إحدى دوائره .تعتبر نفسها
مصرية من كندا وتدافع عن حقها كمهاجرة من
الجيل الثاني ،وكيبكية ليبرالية في آن ،تبقى
على هامش الدعوات الانفصالية التي يطالب بها