Page 110 - m
P. 110
العـدد 59 108
نوفمبر ٢٠٢3
الشخصيات ،وتناقش ج ًّدا بين الأصوات الساردة في الرواية والرؤى
الأحداث من خلالها ،كل شخصية السردية ،إذ سيعبر كل سارد بصوته عن رؤية
حسب رؤيتها السردية ،حتى اختلفت سردية معينة ،إلا أننا نجد في الرواية الشائكة
التصورات وأصبحنا نسمع أكثر من صوت ،كل قيد الدراسة «رواية الكل يقول أحبك لـ مي
حسب سبب غربته ومدى تقبله لفكرة الغربة في حد التلمساني»( )4أن كل سارد من مجموعة الساردين
يحمل أكثر من رؤية واحدة ،إذ تتصارع داخل كل
ذاتها ،ومن هذه الأصوات نجد: سارد منهم مجموعة من الهويات الثقافية المختلفة
والمتباينة ،وهذا ما جعل مي التلمساني تقسم
الغربة وصوت الثورة روايتها إلى خمسة فصول يحمل كل فصل اسم
شخصية من شخصيات العمل الروائي ،وجعلت كل
تدور أحداث الرواية الفعلية في عام ،2020وقد شخصية تتحدث بصوتها في الفصل الذي يحمل
عاصرت كل شخصياته ثورات الربيع العربي اسمها ،ورغم ذلك نجد التيمات داخل الرواية تتشابك
والحروب الأهلية والإرهاب الذي مر على الوطن بين أصوات الشخصيات.
العربي ،وتبين الكاتبة ذلك بكل وضوح في قولها: جعلت طريقة حبك الأحداث في هذه الرواية رواية
«كان يضع الكمبيوتر على ساقيه ويضع فوقه غير حوارية ،أو يقل فيها الحوار بشكل لافت ،بل
كتا ًبا تعرف ُت على غلافه على الفور ،كتاب الباحث جاءت في معظمها أحاديث مع النفس ،إذ حاولت
الإيراني حميد دباشي عن الربيع العربي»( )5وقد الكاتبة أن كل شخصية تحكي قصتها بنفسها ومن
تأثرت كل شخصية من شخصيات الرواية بهذه وجهة نظرها هي للقارئ ،ما جعل المشاهد الحوارية
الأحداث المأساوية بطريقة أو بأخرى ،فنجد مث ًل
قليلة ج ًّدا في العمل ،ورغم هذا اعتبرناها رواية
بوليفينية بامتياز ،إذا ما نظرنا للعمل في شموليته،
أما داخل الفصول فلا يوجد تعدد واضح للأصوات،
بسبب تراجع نسبة المشاهد الحوارية.
تدور أحداث رواية «الكل يقول أحبك» في طابع
اجتماعي هادئ بين مجموعة من الشخصيات من
جنسيات عربية مختلفة :مصرية ،سورية ولبناية
يعيشون بعي ًدا عن أوطانهم بين كندا وأمريكا،
وتتداخل أقدارهم كلما تقدمت أحداث الرواية
وتشابكت ،إلى أن ينتهي بهم المطاف جمي ًعا في حيز
مكاني واحد.
تشظي الشخصيات بين غربة الجسد
واغتراب الروح
جعل موضوع الرواية المذكور ساب ًقا من التيمات
الروائية المتكررة عند كل الشخصيات تتركز خاصة
في ثنائية الغربة /الاغتراب ،غربة الأجساد واغتراب
الأرواح ،في حين ظلت الأفكار على طول الشريط
السردي متشظية بين الغربة والاغتراب ،وكانت هذه
الثنائية هي النقطة المحورية التي تلتقي عندها كل