Page 114 - m
P. 114

‫العـدد ‪59‬‬   ‫‪112‬‬

                                                    ‫نوفمبر ‪٢٠٢3‬‬

‫ميخائيل باختين‬  ‫تزفيتان تودوروف‬                       ‫على طول الشريط السردي مراف ًقا كل الشخصيات‪،‬‬
                                                      ‫فتقول الشخصية نورهان عبد الحميد التي تعمل‬
    ‫لنلاحظ أن شعور الخوف لدى عاليا جعل عاطفة‬          ‫موظفة بوزارة الصحة في كندا مث ًل‪« :‬لن أستطيع‬
  ‫الحب لديها تجاه زوجها تنمو أكثر مما كانت عليه‪،‬‬       ‫طمأنتك يا داينا‪ ،‬اجتماعي اليوم مع الزملاء في‬
  ‫وفضلت الهرب نحو الفيروس على الهرب منه مثلما‬          ‫كيبك سيحدد أشياء كثيرة‪ ،‬من بينها التنسيق‬
‫فعلت بقية الشخصيات‪« ،‬الطابور أمام بوابة الباص‬         ‫بين موقف الحكومة الفدرالية ووزارات الصحة‬
                                                       ‫الإقليمية بشأن التعامل مع الفيروس‪ ،‬والحملة‬
    ‫المتجه لتورنتو طويل ومتعرج‪ ،‬بعض الناس‬
    ‫يضع كمامة طبية‪ ،‬والبعض الآخر لا يضعها‪،‬‬              ‫التوعوية المزمع القيام بها في مقاطعتي كيبك‬
     ‫الكل يهمهم عن الأحوال المتقلبة وأنباء الموت‬     ‫وأونتاريو»(‪ .)25‬أما داينا سليمان فتقول‪« :‬الوضع‬
   ‫القادمة من أوروبا‪ ،‬وشدة الزحام بسبب إغلاق‬         ‫عنا بأمريكا سيئ كتير‪ ،‬بس ما حدا بيجرؤ يعلن‬
  ‫خط القطار لأجل غير معلوم»(‪ .)29‬ليرافق الخوف‬        ‫الأرقام الحقيقية‪ ،‬حسيت كأنو الربيع جايب إلنا‬
     ‫من الفيروس المجهول كل الشخصيات بدرجات‬          ‫أخبار حزينة»(‪ .)26‬تبدو نبرة الخوف واضحة في كل‬
                                                    ‫أحاديث الشخصيات عن الفيروس المجهول القادم من‬
      ‫متفاوتة‪ ،‬ويعلو صوته مع ارتفاع وتيرة السرد‬
   ‫ليغطي إحساس الخوف على كل الأحداث السابقة‪،‬‬           ‫الصين والذي يهدد البشرية‪ /‬الكل متأهب ينتظر‪،‬‬
  ‫ولتنتهي الرواية وحالة الخوف العارمة مستمرة في‬       ‫ولا أحد يفهم ما يحدث فع ًل‪ ،‬إلا نحن القارئ الذي‬
                                                    ‫نقرأ هذه الرواية بعد أكثر من عام على وقوع الكارثة‬
             ‫نفوس شخصياتها ولا سبيل لتغييرها‪.‬‬        ‫ومعايشتها‪ ،‬لكننا لا نستطيع طمأنة الشخصيات ولا‬
 ‫كانت هذه قراءة في رواية «الكل يقول أحبك» للكاتبة‬    ‫الإجابة عن تساؤلاتهم التي تستمر حتى الصفحات‬
‫المصرية مي التلمساني‪ ،‬الصوت الأنثوي الذي حاول‬
 ‫أن يكتب الرجل كما كتب المرأة‪ ،‬إذ تحدثت الكاتبة في‬      ‫الأخيرة من الرواية والتي تبدع الكاتبة في تغيير‬
  ‫روايتها على لسان ثلاث شخصيات رجالية واصفة‬              ‫صيغتها من شخصية لأخرى‪ ،‬وتحدث الصدمة‬
 ‫أحاسيسهم ونفسياتهم وأجسادهم وما يقومون به‪،‬‬               ‫وتزداد وتيرة الخوف ويتعالى صوته السردي‬
  ‫دون أن تجعل القارئ يشعر أن هناك نق ًصا ما فيما‬       ‫حين يصاب ماتيو زوج عاليا بالفيروس‪« ،‬ماتيو‬
                                                     ‫محبوس في المزرعة‪ ،‬وعاليا لا تصدق أنه مصاب‬
   ‫تقوم بالحديث عنه‪ ،‬أما الفصلين الآخرين فقد كانا‬      ‫بالفيروس‪ ،‬له ابن عم في حالة خطرة‪ ،‬والأنباء‬
  ‫لشخصيتين نسائيتين ولا نجد فر ًقا في البراعة بين‬
                                                           ‫تقول إن المئات يموتون يوم ًّيا في هذا البلد‬
                                ‫كتابتها للجنسين‪.‬‬        ‫المنكوب‪ ،‬لكنها لا تصدق‪ ،‬المأساة تحدث دائ ًما‬
                                                      ‫للآخرين‪ ،‬أما ماتيو فهي موقنة أنه يعاني من‪..‬‬
                                                     ‫احتقان في الحنجرة‪ ،‬وتكسير في العظام‪ ،‬وسعال‬
                                                    ‫دون ارتفاع في درجة الحرارة»(‪ .)27‬ليصبح الخوف‬
                                                     ‫من الفيروس والهرب منه أو إليه هو الشغل الشاغل‬
                                                        ‫لكل شخصيات الرواية‪ ،‬فمنهم من تحاول الهرب‬
                                                        ‫إليه مثلما فعلت عاليا بمحاولة سفرها إلى إيطاليا‬
                                                      ‫والالتحاق بزوجها ماتيو بعد أن أصيب بالفيروس‪،‬‬
                                                     ‫إذ «سوف تعبر عاليا الحدود الأمريكية‪ -‬الكندية‬
                                                     ‫عبر النفق بالسيارة بد ًل من السفر بالطائرة‪ ،‬ثم‬
                                                    ‫تستقل الباص من وندسور لتورونتو في الرابعة‪،‬‬
                                                     ‫لتصل لمطار لستر بيرسون في التاسعة والنصف‬
                                                    ‫مساء‪ ،‬ومنه تستقل الطائرة المتجهة للندن‪ ،‬ثم من‬
                                                     ‫لندن تسافر لميلانو‪ ،‬ومنها لديروتا بالقطار»(‪.)28‬‬
   109   110   111   112   113   114   115   116   117   118   119