Page 117 - m
P. 117

‫‪115‬‬        ‫نون النسوة‬

                                                               ‫الثقافي بأوجهه المتعددة‪،‬‬

                                                               ‫ودحض الثوابت الحاكمة‬

                                                               ‫بالجانبين الثقافيين‬

                                                               ‫الأصلي والمكتسب‪،‬‬

                                                               ‫وامتلاك هوية إنسانية‬

                                                               ‫تعددية وليست فردانية‬

                                                               ‫تتشكل وفق مروية‬

                                                               ‫أحادية‪ ،‬مما يسمح لها‬

                                                               ‫بالارتقاء والوصول‬

                                                               ‫إلى وضعية أكثر إتزا ًنا‬

                                                                               ‫وعقلانية‪.‬‬

                                                               ‫ومع تمتع المهاجر أو‬

                                                               ‫المغترب بحرية العودة‬

                                                               ‫وطواعية المغادرة‪،‬‬

                                                               ‫مقابل حرمان المنفي‬

‫نعيم قطان‬  ‫مي التلمساني‬                           ‫إدوارد سعيد‬  ‫من تلك الخيارات بفعل‬
                                                               ‫الطرد العنيف أو اللجوء‬

                                                               ‫السياسي أو الإبعاد‬

‫من حقيقة معيشة في المكان الجديد؛ حيث تخضع‬         ‫القسري أو غيرها من أشكال النفي‪ ،‬فإن حالة‬
‫الشخصيات دائ ًما لإحساس الحنين إلى ما خلَّفته‬
                                                  ‫الغربة التي يعاني منها النمطان لا تستدعي‬
    ‫وراءها‪ ،‬وتسعى جاهدة لحل التناقضات بين‬
   ‫ذكراه الملحة وبين الوضع الجديد الذي تعيش‬       ‫فقط المشاعر السلبية كالانعزال أو التهميش أو‬

                                           ‫فيه‪.‬‬   ‫الإقصاء والخسائر المستمرة‪ ،‬بل يرافقها أي ًضا‬
  ‫ولذلك‪ ،‬فقد تناولت العديد من الأعمال الروائية‬
                                                  ‫مواقف إيجابية تتمحور حول القدرة على تحقيق‬
       ‫الهوية العربية وفق التعددية الثقافية التي‬
‫تتشكل في وجود قوميات مختلفة ولغات مختلفة‬          ‫الهجنة الثقافية والتفكير الطباقي والتعايش بين‬
‫وثقافات مختلفة‪ ،‬تعمل على قبول بعضها البعض‬
                                                  ‫الهويات المتنافرة؛ حيث تتيح الفضاءات المتداخلة‬
    ‫سواء تحت وطأة الاستعمار أو بفعل ظروف‬
 ‫الهجرة‪ .‬ورصدت ‪-‬عبر مسارات شخصياتها‪-‬‬              ‫بين الأعراق والشعوب‪ ،‬توسيع أفق الأفراد‬
‫انفتاح المهاجرين في الآونة الأخيرة على الثقافات‬
   ‫العابرة للقوميات وتحويلهم تجربة الغربة‪ ،‬في‬     ‫وعدم التحيز في الفكر‪ ،‬وبالتالي النجاح في عبور‬

    ‫بعض الأحيان‪ ،‬إلى طاقة خ َّلقة وإنجاز كبير‬     ‫الحدود بين الثقافات واحترام الاختلافات بين‬
    ‫يتجاوز التغلب على مشاعر الفقد‪ ،‬ويصل إلى‬
                                                                               ‫البشر‪.‬‬
                   ‫تبني هوية متعددة الثقافات‪.‬‬
      ‫ومن أبرز تلك الأعمال الروائية التي قدمت‬                  ‫رواية التعددية‬
       ‫للقارئ العربي مشاعر المهاجرين وتقاطع‬
                                                       ‫قدمت الروايات العربية على اختلاف انتماء‬
         ‫مصائرهم في الغربة‪ ،‬رواية «الكل يقول‬       ‫كتَّابها تيمات الاغتراب والنفي واللجوء وغيرها‬
  ‫أحبك» (‪ )2021‬للكاتبة المصرية‪ -‬الكندية «مي‬        ‫من صور الرحيل عن الوطن‪ ،‬قس ًرا أو طواعي ًة‪،‬‬

                                                      ‫وما يتبع ذلك الرحيل من انقسام للذات بين‬
                                                       ‫الوطن الأصلي والوطن البديل‪ ،‬ليقوم العالم‬
                                                  ‫الروائي في مجمله على رصد أشكال الانفصال‪/‬‬
                                                  ‫الاتصال بين «ما كان» في الوطن و»ما هو كائن»‬
   112   113   114   115   116   117   118   119   120   121   122