Page 119 - m
P. 119

‫‪117‬‬  ‫نون النسوة‬

                        ‫مي التلمساني‬                 ‫على التعبير عن تجارب إنسانية شاملة وعميقة‬
                                                       ‫تتجاوز إطار تلك الثنائية المتعارضة‪ :‬المرأة‪/‬‬
                      ‫والمذابح والقمع في وطنه‪:‬‬
‫«أهتف في الجمهور الذي يراني ولا أراه صائ ًحا‬         ‫الرجل‪ ،‬والصراع الدائر بينهما من أجل تحقيق‬
‫بجمل خطابية لا تصلح لهذا الزمان؛ لذلك يتعين‬            ‫رغبة المرأة في إثبات ذاتها‪ ،‬فانطلقت أعمالهن‬
‫علينا أن نقاوم محاولات الهدم التي باتت حقيقة‬
 ‫واقعة بأسلوب علمي وبعزم لا يلين‪ ،‬لعلنا ننبذ‬         ‫إلى مناقشة القضايا الإنسانية والوطنية الأكثر‬
                                                     ‫رحابة‪ ،‬وفي مقدمتها تشكيل الهويات المرتحلة‬
   ‫الكراهية والحقد والعنف المنظم‪ ،‬لعلنا نتكاتف‬
‫من أجل بناء إنسان جديد يؤمن بالعدل والحرية‬                 ‫ومسائل الهجرة وقضايا الشتات‬
                                                         ‫ومفاهيم الهجنة وغيرها من‬
                 ‫والكرامة»‪( .‬الرواية‪ ،‬ص‪)182‬‬             ‫مواضيع إنسانية تتجاوز‬
 ‫وعلى الرغم من قسوة تجربة الغربة التي عانت‬              ‫قضايا الذات وصراعات‬
 ‫منها معظم الشخصيات عقب هجرتها إلى كندا‪،‬‬              ‫الجندر‪ ،‬وهو ما نلمسه في‬
                                                        ‫كتابات مي التلمساني‪.‬‬
   ‫فإن الكاتبة قاوت بالتركيز ‪-‬عبر شخصياتها‬              ‫فتكشف لنا الكاتبة في‬
    ‫الروائية‪ -‬على ما تنتجه الاختلافات الثقافية‬     ‫روايتها «الكل يقول أحبك»‬
      ‫من سيرورات دينامية ومن استراتيجيات‬             ‫تلك المواضيع التي نالت‬
                                                      ‫اهتمامها‪ ،‬فتستحضر‬
 ‫تضع تش ُّكل جديد للهوية المرنة التي تنفتح على‬      ‫حلم الشخصيات بعالم‬
    ‫مجتمعات جديدة تتيح لها الحكم على الأمور‬         ‫ُيعلي من قيم الإنسانية‬
      ‫بمنظور مزدوج بعي ًدا عن أي صور نمطية‬               ‫والحرية والعدل‬
                                                    ‫ويزيل كافة الحواجز‬
 ‫تقليدية مسبقة‪ ،‬حتى يصبح قبول الآخر ملم ًحا‬             ‫بين البشر المبنية‬
  ‫طبيعيًّا بالحياة ومفهو ًما راس ًخا بالهوية‪ ،‬وهو‬    ‫على النوع أو اللون‬
                                                      ‫أو الدين أو العرق‬
    ‫ما نلمحه في تشكيل شخصية «نورهان عبد‬              ‫أو غيرها‪ ،‬بعي ًدا عن‬
                                                        ‫جراحات التمييز‬
                                                    ‫والعنصرية سواء في‬
                                                    ‫الوطن أو في المهجر‪،‬‬
                                                    ‫مثلما جاء على لسان‬
                                                    ‫«بسام الحايك» الذي‬
                                                   ‫اختار اللجوء إلى كندا‬
                                                       ‫بحثًا عن السلام‬
                                                       ‫والأمن في مكان‬
                                                   ‫يحترم الإنسان‬
                                                     ‫ويسمح له‬
                                                        ‫ببداية‬
                                                   ‫جديدة بعد‬
                                                      ‫سنوات‬
                                                          ‫من‬
                                                     ‫الحروب‬
   114   115   116   117   118   119   120   121   122   123   124