Page 123 - m
P. 123

‫تجديد الخطاب ‪1 2 1‬‬

  ‫ونثبت خطها‪ ،‬أو نؤخرها فنرجئها‬          ‫معنى النسيان بعدم الإحكام‪ ،‬ومن‬           ‫فالنبي (ص) لا ُيسمى ذك ًرا‪ ،‬ولا‬
‫ونقرها فلا نغيرها ولا نبطل حكمها؛‬        ‫الذي قال هذا القول مع أن الكاتب‬         ‫ي ُقال عنه أنزلنا إنما يقال أرسلنا‪،‬‬
                                        ‫ينقل بالأسانيد ما يذكره من أقوال‪،‬‬       ‫والكلام في الضمير يعود على أقرب‬
   ‫نأت بخير منها أو مثلها» (تفسير‬       ‫فلماذا لم يذكر سن ًدا لهذا القول مما‬
   ‫الطبري‪ ،‬ج‪ ،20‬ص‪ ،445‬ط هجر‪،‬‬             ‫قاله من العلماء؟! والصحابة كانوا‬          ‫مذكور وهو الذكر وليس النبي‬
  ‫نسخة المكتبة الشاملة)‪ ،‬وموضوع‬        ‫يكتبون القرآن في رقاع ولكن الأصل‬        ‫(ص)‪ ،‬وإما تقدير عندنا فالأصل في‬
‫نسيان النبي (ص) للمنسوخ لا غبار‬          ‫عندهم الحفظ في الصدور‪ ،‬فالعرب‬
    ‫عليه فهذا بيد الله‪ ،‬فقد قال تعالى‬  ‫كانت أمة حفظ‪ ،‬والكاتب تحدث كثي ًرا‬        ‫اللغة عدم التقدير وعدم الإضمار‪.‬‬
‫«سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله»‪،‬‬      ‫عن قوله تعالى «ما ننسخ من آية أو‬        ‫ثال ًثا‪ :‬ومن العجب أن الكاتب الذي‬
  ‫فالله وعد بحفظ القرآن‪ ،‬فما ينسيه‬      ‫ننسها نأت بخير منها» وتحدث عن‬           ‫ذكر الكلام عن الذكر في آية الحجر‬
 ‫الله لنبيه (ص) لن يؤثر على القرآن‪،‬‬       ‫الخلاف في ننسها ولم يرجح أي‬            ‫ولم يصرح أنه القرآن جاء في آية‬
 ‫قال تعالى «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا‬     ‫قول‪ ،‬وكأن الهدف إثارة الشبهات‬         ‫فصلت وصرح أن الذكر هو القرآن‪،‬‬
                                                                              ‫ليذكر شبهة اختلاف العلماء في المراد‬
     ‫له لحافظون»‪ ،‬ويستنكر الكاتب‬            ‫فقط‪ ،‬ولو قرأ لنهاية الأقوال في‬
    ‫كيف يعرض النبي (ص) القرآن‬          ‫تفسير الطبري لوجد الطبري يرجح‬              ‫بالباطل والمراد بمن يأتيه الباطل‬
  ‫على جبريل‪ ،‬مع أن هذا العرض من‬        ‫ننسها نتركها‪ ،‬فقال «ما نبدل من آية‬     ‫(الذكر) هل هو القرآن أم النبي محمد‬
    ‫المدارسة من النبي (ص) للقرآن‪،‬‬      ‫أنزلناها إليك يا محمد‪ ،‬فنبطل حكمها‬     ‫(ص) أم جبريل عليه السلام‪ ،‬مع أنه‬
     ‫وورد في صحيح البخاري بلفظ‬                                                ‫واضح للقارئ أن المراد بالباطل الذي‬
‫«وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان‬
     ‫فيدارسه القرآن» (ج‪،1‬‬                                                       ‫هو خلاف الحق‪ ،‬والمراد بالذكر هو‬
    ‫ص‪ ،8‬ح‪ ،6‬ط دار طوق‬                                                           ‫القرآن كما رجح الطبري‪ ،‬فالإتيان‬
  ‫النجاة‪ ،‬ط‪ ،1‬عام ‪،)1422‬‬
    ‫يقول ابن حجر «فكان‬                                                                ‫يطلق على الحسي والمعنوي‪،‬‬
‫جبريل يتعاهده في كل سنة‬                                                                   ‫تقول أتاني مال وتقول‬
‫فيعارضه بما نزل عليه من‬                                                                    ‫أتاني خبر‪ ،‬وهذا دليل‬
‫رمضان إلى رمضان» (فتح‬                                                                     ‫واضح وليس اطمئنا ًنا‬
 ‫الباري ج‪ ،1‬ص‪ ،31‬نسخة‬
    ‫المكتبة الشاملة)‪ ،‬ولقد‬                                                              ‫عاطفيًّا كما يقول الكاتب‪،‬‬
   ‫ذكر ابن حجر في الفتح‬                                                                  ‫فالعلماء يرجحون القول‬
‫(ج‪ ،٩‬ص‪ ،٨٦‬نسخة المكتبة‬                                                                    ‫بدليله وليس بالعاطفة‪.‬‬
  ‫الشاملة) أن نسيان النبي‬                                                                 ‫راب ًعا‪ :‬الاختلاف الذي‬
‫نوعان‪ :‬نسيان بمعنى رفعه‬                                                               ‫حدث بين علماء التفسير في‬
   ‫عن قلبه مطل ًقا وهذا هو‬                                                            ‫الأقوال ليس معناه أن كلها‬
‫النسخ‪ ،‬والثاني رفع مؤقت‬                                                                ‫باطلة أو كلها حق‪ ،‬بل هي‬
  ‫وله شرطان‪ :‬أن لا يكون‬                                                                 ‫من الاجتهاد الذي يحتمل‬
  ‫قبل البلاغ‪ ،‬والثاني أن لا‬                                                            ‫الخطأ والصواب‪ ،‬والعلماء‬
 ‫يستمر فيتذكره بنفسه أو‬                                                                 ‫ير ِّجحون بناء على قواعد‬
                                                                                       ‫معروفة في التفسير واللغة‬
                 ‫بغيره‪.‬‬
  ‫ساد َسا‪ :‬يستنكر الكاتب‬                                                                  ‫وأصول الفقه وأصول‬
  ‫كيف يتذكر النبي (ص)‬                                                                                 ‫التفسير‪.‬‬
‫آيتين نساهما النبي (ص)‬
                                                                                         ‫خام ًسا‪ :‬يستنكر الكاتب‬
                                                                                       ‫كيف ُين ِسي الله نبيه (ص)‬
                                                                                        ‫بعض الآيات مع أن الذي‬
                                                                                        ‫أنساه إياه إنما هو الآيات‬
                                                                                        ‫المنسوخة‪ ،‬واختار الكاتب‬

                                       ‫آثار ما قبل الإسلام من متحف الشارقة ‪1‬‬
   118   119   120   121   122   123   124   125   126   127   128