Page 113 - m
P. 113

‫‪111‬‬  ‫نون النسوة‬

‫العجوز بتمزيق وجهها وثوبها»(‪ .)22‬لترسم الكاتبة‬             ‫صورة السيدة الفلسطينية العجوز التي تعلق‬
‫بهذا المشهد العنصري المقيت صورة عن الغربي الذي‬             ‫مفتاح بيت أبيها في رقبتها»(‪ ،)20‬لكن سرعان ما‬
                                                        ‫يتغير الوضع ويطفو عليه شبح العنصرية ليترك أث ًرا‬
   ‫يكره العربي كر ًها دفينًا منذ آلاف السنين‪ ،‬لدرجة‬      ‫كبي ًرا داخلها فترويه بكل تأثر عميق‪ ،‬تقول‪« :‬جاءت‬
 ‫أنه يقوم بتخريب صورة معلقة على جدار فقط لأنها‬               ‫المعارضة فيما بعد‪ ،‬من قبل صحفي عنصري‬
   ‫لمصورة عربية وتحمل وجه امرأة عربية‪ ،‬وهذا من‬             ‫بجريدة تدعم حزب المحافظين شنت حملة على‬
 ‫أكثر المواقف العنصرية إيلا ًما التي يمكن أن تحصل‬       ‫المعرض‪ ،‬لأنه سمح بعرض صورتين من فلسطين‬
                                                        ‫لمصورة سورية أمريكية‪ ،‬تجنب الإشارة إلى كوني‬
     ‫لأحد خارج وطنه الأم‪ ،‬حتى يتملكه الخوف على‬            ‫كندية المولد‪ ،‬تدعم‪ ،‬من وجهة نظره العنصرية‪،‬‬
    ‫نفسه وعلى مستقبله‪ ،‬فنجد داينا تقول في موضع‬              ‫الإرهاب الفلسطيني ضد إسرائيل‪ ..‬المقال كان‬
 ‫آخر‪« :‬لسنا على ما يرام يا بسام‪ ،‬أتظن أننا أفضل‬         ‫يطالب بسحب الصورتين ونشر اعتذار رسمي من‬
 ‫حا ًل في أمريكا؟ ترامب يشعلها نا ًرا قبل السقوط‪،‬‬         ‫قبل الجامعة»(‪ .)21‬تصف الكاتبة الموقف على لسان‬
 ‫ولا أحد يتكهن بمصيرنا ولا بما قد يفعله أنصار‬              ‫شخصية داينا سليمان وص ًفا دقي ًقا يجعل القارئ‬
 ‫الفاشية البيضاء لو أعيد انتخاب البرتقالي‪ ..‬يكاد‬            ‫يتعاطف مع الشخصية وما حدث معها‪ ،‬إذ تقول‪:‬‬
 ‫المرء يظن أننا في العالم الثالث»(‪ .)23‬ليدرك القارئ‬         ‫«حتى حدث ما كان متوق ًعا مع تصعيد الموقف‬
‫بذلك مدى فظاعة المواقف العنصرية التي تتعرض لها‬
   ‫الجالية العربية في الغربة‪ ،‬ويعلو الصوت السردي‬             ‫في الميديا واشتراك آخرين في الحملة المعادية‬
  ‫صاد ًحا مستنك ًرا لهذه المواقف العنصرية التي كان‬      ‫للمعرض‪ ،‬فقد قام مجهول بتخريب صورة السيدة‬
 ‫وما زال يعاني من تبعاتها العرب المغتربون‪ ،‬لتصبح‬
 ‫الغربة في المتن الروائي قيد الدراسة مكا ًنا لأنواع من‬
‫العنف النفسي والجسدي العنصريين التي تطبق بكل‬
‫الطرق صراح ًة وضمنًا على المغتربين‪ ،‬وتأتي مثل هذه‬
‫النصوص الروائية رف ًضا لمثل هذه الأفعال العنصرية‪.‬‬

     ‫الغربة وصوت الخوف‬

 ‫قلنا ساب ًقا إن الرواية كتبت سنة ‪ ،2020‬ولا يخفى‬
‫على القارئ ما حملته هذه السنة من مآسي للبشرية‬
  ‫جمعاء‪ ،‬جعلت العالم كله يعيش حالة خوف كبيرة‪،‬‬
‫وكان كل شخص على وجه الأرض يحارب في صمت‬
  ‫الوباء اللعين الذي فتك بعدد غير معلوم من سكان‬
 ‫المعمورة‪ ،‬ولأن الرواية كتبت في هذه السنة بالذات‪،‬‬

   ‫لم تتجاوز الكاتبة الحديث عن هذا الموضوع المهم‬
‫الذي أ َّرق الناس جمي ًعا لما يزيد عن عام كامل‪ ،‬تقول‬

    ‫على لسان الشخصية كريم ثابت‪« :‬أنباء الوباء‬
    ‫في الصين غير مبشرة‪ ،‬وفي بعض الأماكن في‬
  ‫أوروبا أي ًضا‪ ،‬أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من‬
    ‫كارثة كبرى‪ ،‬أصدقاؤنا في الغربة هم عزاؤنا‬
   ‫الوحيد»(‪ .)24‬نلاحظ أن هذا الاقتباس قد أُخذ من‬
    ‫الصفحات الأولى من الرواية‪ ،‬وهذا يحيل إلى أن‬
‫صوت الخوف بدأ مع بداية العمل الروائي‪ ،‬واستمر‬
   108   109   110   111   112   113   114   115   116   117   118