Page 112 - m
P. 112
مي التلمساني الرواية كتبت سنة ،2020ولا يخفى
الأصوات الساردة ،لهذا لم تتفق شخصيات على القارئ ما حملته هذه السنة من
الرواية على طريقة واحدة ومفهوم واحد
للثورة ،سواء على الغربة أو في الغربة أو مآسي للبشرية جمعاء ،جعلت العالم
بالغربة ،لكنهم جمي ًعا اتفقوا ضمنيًّا على أن كله يعيش حالة خوف كبيرة،
الغربة تولِّد في الإنسان إحسا ًسا بالثورة.
وكان كل شخص على وجه الأرض
الغربة والصوت العنصري
يحارب في صمت الوباء اللعين الذي
لم تجعل الكاتبة أ ًّيا من شخصياتها شخصية
عنصرية ،لكنها جعلت بعض الشخصيات تتعرض فتك بعدد غير معلوم من سكان
للعنصرية بصورة واضحة ،هذه الشخصية هي داينا
سليمان ،التي تقول« :أنا أص ًل من عايلة سورية المعمورة ،ولأن الرواية كتبت في
من مونتريال»( )17وتضيف «مصورة فوتوغرافية..
تكتب تحقيقات مصورة ..عملت بمجلة ناشيونال هذه السنة بالذات ،لم تتجاوز
جيوغرافيك زم ًنا ..والآن لي كتابان في التصوير
الأول بعنوان رحلة إلى المخيم ،والآخر بعنوان الكاتبة الحديث عن هذا الموضوع
قرمزي عن الثورة السورية»( .)18وبحكم عملها
في التصوير تتعرض الشخصية لموقف عنصري لم المهم الذي أَّرق الناس جمي ًعا لما
تتوقعه ،كيف لا وهي تعيش في «كندا بلد الغرباء يزيد عن عام كامل.
والمهاجرين من الأعراق والأجناس كافة»( .)19لذلك
نجدها تقول« :في تلك الزيارة البعيدة لمونتريال بدا إسلامه ،فيفعل ويتزوجان مرتين ،مرة
لي أن الكنديين أكثر تهذي ًبا ولط ًفا من جيرانهم في في الإسكندرية ومرة ثانية في ديروتا»( .)14وتكمل
الجنوب ،لم يعترض أحد من رواد المعرض على
قائلة على لسان نفس الشخصية دائ ًما« :كل هذا
يحدث لي في ،2011كل الأحداث في الوقت نفسه،
القمع والحرية ،القتل والأمل»( ،)15لتراهن عاليا على
ثورة المشاعر وتخالف الأعراف والتقاليد المتعارف
عليها حتى تنجح في تحقيق ثورتها.
في حين نجد شخصية كمال المصري وزوجته ناهد
اللذان يثوران على الغربة في حد ذاتها ،ولا يتقبلانها
بأي شكل من الأشكال ،يقول« :نستعين بالعشرة
والمودة على الغياب والغربة ..يكفيها أننا صامدان
في وجه الزمن وأوجاع الغربة»( ،)16فهما يريان أن
الغربة مشروع يأخذ منك أكثر مما يقدمه لك ،ولهذا
وجبت الثورة على هذا المشروع ،حتى وإن كانت
الثورة هنا مجرد رفض نفسي للغربة وما يعانيانه
من تبعاتها.
وفي الحقيقة ك ٌّل يرى الأمور حسب موقعه منها،
فباختلاف وجهات النظر تختلف رؤيتنا للعالم
وللأشياء أي ًضا ،وباختلاف الرؤى السردية تختلف