Page 156 - m
P. 156

‫العـدد ‪59‬‬                                ‫‪154‬‬

                                  ‫نوفمبر ‪٢٠٢3‬‬                            ‫دون أن ندركه ونفكر فيه‬
                                                                            ‫َح ًّقا‪ .‬تطورت الجراحة‬
  ‫لاحظ بالفعل أنه حتى وقت‬           ‫سبيل‪ ،‬حالة رجلين لا يزيد‬
‫قريب‪ ،‬كنا نتحدث عن الخيال‬             ‫طولهما عن متر وخمسة‬              ‫التجميلية‪ ،‬على سبيل المثال‪،‬‬
                                                                       ‫خلال القرن الماضي بهدف‪،‬‬
     ‫العلمي‪ ،‬وفي بداية القرن‬      ‫وأربعين سنتيمت ًرا‪ ،‬الأول لأنه‬     ‫ليس العلاج‪ ،‬ولكن في الواقع‪،‬‬
  ‫الماضي‪ ،‬كان أفضل العلماء‬           ‫أُصيب بمرض في طفولته‪،‬‬
 ‫بلا شك يصفون أي شخص‬                                                      ‫لتحسين‪ ،‬في هذه الحالة‪،‬‬
‫بالد َّجال إذا ادعى تحقيق مثل‬     ‫والثاني لأن والديه‪ ،‬على الرغم‬          ‫«تجميل» جسم الإنسان؛‬
   ‫هذا العمل الفذ في يوم من‬       ‫من كونهما «طبيعيين» تما ًما‪،‬‬          ‫لأن القبح‪ ،‬كما نعلم‪ ،‬ليس‬
    ‫الأيام! اليوم‪ ،‬لقد تم ذلك‪،‬‬                                          ‫مر ًضا‪ ،‬والهيئة المقززة‪ ،‬أ ًّيا‬
 ‫وبالكاد نفاجأ‪ .‬لاحظوا أي ًضا‬        ‫إلا أنهما ببساطة قصيران‬         ‫كان تعريفك لها‪ ،‬لا علاقة لها‬
  ‫أن لدينا هنا مثا ًل جي ًدا على‬  ‫ِج ًّدا‪ .‬لماذا نعالج الأول ونتخلى‬     ‫بعلم الأمراض (على الرغم‬
  ‫الانتقال غير المحسوس من‬         ‫عن الآخر‪ ،‬طالما أنهما يعانيان‬       ‫من أنه قد يكون له تأثيره في‬
   ‫العلاجي إلى التعزيزي‪ :‬في‬                                          ‫بعض الأحيان)‪ .‬الشيء نفسه‬
  ‫البداية‪ ،‬إنها بالتأكيد مسألة‬      ‫أي ًضا من صغر حجمهما في‬          ‫ينطبق على الفياجرا والعقاقير‬
‫علاج علم الأمراض‪ ،‬ولكن في‬            ‫مجتمع يقدر بالأحرى‪ ،‬عن‬          ‫«المنشطة» الأخرى التي تهدف‬
   ‫النهاية‪ ،‬نتعامل مع تهجين‬                                               ‫أي ًضا‪ ،‬دون قصد تورية‬
‫الإنسان‪ /‬الآلة‪ .‬دعونا نضيف‬            ‫حق أو خطأ‪ ،‬الطول؟ على‬           ‫سيئة‪ ،‬إلى شيء من «زيادة‪/‬‬
‫أي ًضا أنه إذا اتخذ العلم خطوة‬     ‫المستوى الأخلاقي‪ ،‬هذه على‬              ‫تعزيز» الكائن البشري‪.‬‬
  ‫إلى الأمام وجعلت الجراحة‬           ‫الأقل وجهة نظر الإنسانية‬         ‫في العديد من المجالات‪ ،‬يكون‬
  ‫الچينية‪ ،‬يو ًما ما‪ ،‬يجعل من‬                                            ‫الخط الفاصل بين العلاج‬
                                     ‫العابرة‪ ،‬الفرق بين التقزم‬             ‫والتحسين غير واضح‪:‬‬
     ‫الممكن من خلال «القص‬         ‫«المرضي» والتقزم «الطبيعي»‬            ‫هل الأدوية التي تهدف إلى‬
   ‫واللصق» إصلاح الچينات‬                                                 ‫محاربة الأشكال المختلفة‬
  ‫المختلة في الأجنة‪ ،‬فسيكون‬            ‫لا مبرر له‪ ،‬فقط التجربة‬            ‫للشيخوخة التي تصيبنا‬
  ‫من الصعب للغاية معارضة‬          ‫المؤلمة للأفراد يجب أخذها في‬          ‫تنتمي‪ ،‬في نهاية الأمر‪ ،‬إلى‬
    ‫ذلك‪ ،‬وهذا من أجل سبب‬                                              ‫الفئة الأولى أم الثانية؟ وماذا‬
‫بسيط إلى حد ما‪ ،‬وهو أنه لن‬                           ‫الاعتبار‪.‬‬        ‫عن التطعيم؟ أين نصنفه بين‬
 ‫يكون هناك في الحقيقة سبب‬                    ‫فلنع ِط مثا ًل آخر‪.‬‬       ‫هذين المجالين؟ تعج أدبيات‬
                                      ‫اليوم‪ ،‬يوجد في فرنسا ما‬         ‫الإنسانية العابرة بمناقشات‬
         ‫معقول للقيام بذلك‪.‬‬          ‫يقرب من ‪ 40‬ألف شخص‬                  ‫حادة ومنطقية حول هذه‬
  ‫حيث يبدأ القارئ‪ ،‬كما آمل‪،‬‬              ‫يعانون مر ًضا وراثيًّا‬      ‫المواضيع‪ .‬لا يقتصر الأمر على‬
 ‫في فهم أن الأسئلة الأخلاقية‬      ‫تنكيسيًّا‪ ،‬وهو التهاب الشبكية‬      ‫صعوبة التمييز بين التعزيزي‬
‫التي أثارها مشروع الإنسانية‬       ‫الصباغي‪ ،‬مما يؤدي تدريجيًّا‬         ‫والعلاجي في بعض الأحيان‪،‬‬
                                     ‫إلى إصابتهم بالعمى‪ .‬ومع‬          ‫ولكن في نظر الناشطين ليس‬
    ‫العابرة بعيدة ِج ًّدا عن أن‬       ‫ذلك‪ ،‬طورت شركة ألمانية‬              ‫له قيمة أخلاقية على أي‬
 ‫تكون بسيطة كما يظن أولئك‬            ‫شريحة إلكترونية تسمح‪،‬‬            ‫حال‪ .‬يحب أنصار الإنسانية‬
‫الذين يعتقدون أنهم مخولون‪،‬‬          ‫بمجرد زرعها خلف شبكية‬            ‫العابرة توضيح وجهة نظرهم‬
‫كما نحب عمو ًما في الصحافة‬         ‫عين المريض‪ ،‬باستعادة جزء‬             ‫من خلال استحضار حالة‬
‫السائدة‪ ،‬اتخاذ موقف «مع أو‬        ‫كبير من بصره‪ .‬تقوم الرقاقة‬          ‫شخصين قصيرين ِج ًّدا‪ ،‬على‬
‫ضد»‪ ،‬كما لو كان من الب ِدهي‬         ‫بتحويل الضوء إلى إشارات‬
                                        ‫كهربائية‪ ،‬ثم تضخمها‬
  ‫أن الموضوع يمكن تسويته‬               ‫وتنقلها إلى شبكية العين‬
    ‫في حدود ثنائية‪ ،‬يمكن أن‬           ‫من خلال قطب كهربائي‪،‬‬
   ‫يكون لتقدم العلم تداعيات‬          ‫بحيث يمكن للإشارات أن‬
                                      ‫تنتقل عبر مسار العصب‬
                                  ‫البصري الطبيعي إلى الدماغ؛‬
                                   ‫حيث يتم تحويلها إلى صور‪.‬‬
   151   152   153   154   155   156   157   158   159   160   161