Page 158 - m
P. 158

‫العـدد ‪59‬‬                               ‫‪156‬‬

                                ‫نوفمبر ‪٢٠٢3‬‬                       ‫الرغم من كل شيء ‪-‬ما يقول‬
                                                                   ‫الكثير عن الطريقة التي ننظر‬
‫الدروسوفيلا أو ذبابة الفاكهة‬         ‫المرعبة‪ .‬علاوة على ذلك‪،‬‬      ‫بها إليهما‪ -‬فلماذا لا نعتبرهما‬
 ‫(ذبابة المختبر الشهيرة)‪ ،‬من‬      ‫كما يشرح أكسل كان‪ ،‬أحد‬
                                 ‫أفضل علماء الوراثة لدينا‪ ،‬لا‬       ‫شرو ًرا يجب التخلص منها‬
    ‫ناحية أخرى‪ ،‬فإن البحث‬       ‫يمكنك «تحسين» كائن حي في‬               ‫بأكبر قدر ممكن؟ علاوة‬
                     ‫يتقدم‪.‬‬      ‫هذين الجزءين دون مخاطرة‬
                                                                   ‫على ذلك‪ ،‬ألم تفعل الأساطير‬
       ‫لكن استخدام الخلايا‬            ‫كبيرة بإثارة اختلالات‬           ‫والأديان كل شيء لآلاف‬
‫الجذعية‪ ،‬والتقدم في التهجين‬      ‫أخرى‪ ،‬بل فظائع؛ لأن الكائن‬            ‫السنين لاعتماد فكرة أن‬
                                  ‫الحي هو كل‪ ،‬وما يعدل من‬            ‫الخلود كان مثا ًل للخلاص‬
   ‫والطب الترميمي يمكن أن‬        ‫جانب واحد ينتج عنه عمو ًما‬               ‫يفوق أي شيء آخر؟‬
    ‫يجعل يو ًما ما من الممكن‬                                         ‫سيخبرك العديد من علماء‬
  ‫إصلاح العديد من الأعضاء‬          ‫كوارث على الجانب الآخر‪.‬‬
 ‫التالفة أو الشائخة‪ .‬للأسف‪،‬‬           ‫علاوة على ذلك‪ ،‬يجادل‬          ‫الأحياء أن مشروع مكافحة‬
   ‫كان الدماغ وسيبقى لفترة‬                                          ‫الشيخوخة والموت مشروع‬
     ‫طويلة قادمة هو العضو‬           ‫هؤلاء الذين يعتبرون هذا‬
   ‫الأكثر صعوبة في «تجديد‬        ‫الجانب من الإنسانية العابرة‬             ‫وهمي‪ ،‬وأنه ليس عل ًما‬
   ‫شبابه»‪ ،‬ولكن تطور العلم‬                                             ‫َح ِقي ِقيًّا‪ ،‬بل خيا ًل علميًّا‪.‬‬
    ‫والتكنولوچيا كان سري ًعا‬       ‫غير واقعي و‪ /‬أو خطي ًرا‪،‬‬          ‫ربما تكون شرو ًرا في نظر‬
   ‫ومثي ًرا للإعجاب على مدار‬       ‫في الحالة الحالية للعلم‪ ،‬لا‬     ‫البشر‪ ،‬ولكن من وجهة نظر‬
‫الخمسين عا ًما الماضية لدرجة‬     ‫يوجد تقدم تجريبي ملموس‪،‬‬             ‫الانتقاء الطبيعي‪ ،‬فهي من‬
    ‫أن استبعاد هذا الاحتمال‬        ‫ويمكن التحقق منه يسمح‬             ‫الضروريات التي لها‪ ،‬كما‬
     ‫ينتمي بداهة‪ ،‬في الواقع‪،‬‬      ‫لنا بالقول إننا نستطيع َح ًّقا‬   ‫أشرت للتو‪ ،‬فائدتها‪ :‬بمجرد‬
      ‫إلى إيديولوچية‪ ،‬أنصار‬                                          ‫أن يتكاثر الكائن الحي‪ ،‬أن‬
      ‫الإنسانية العابرة الذين‬        ‫«إيقاف الزمن»‪ ،‬وإيقاف‬            ‫ينجب الإنسان نسله وأن‬
   ‫يعكسون‪ ،‬إذا جاز التعبير‪،‬‬     ‫عملية الشيخوخة‪ ،‬وتحقيق ما‬               ‫يعيش طوي ًل بما يكفي‬
 ‫عبء الإثبات‪ :‬في الواقع‪ ،‬م ْن‬    ‫قدمته ملحمة جلجامش‪ ،‬قبل‬               ‫لحمايته ورعايته‪ ،‬وحتى‬
 ‫يستطيع أن يدعي بجدية‪ ،‬في‬       ‫ثمانية عشر قر ًنا من عصرنا‪،‬‬          ‫يتمكن بدوره من الإنجاب‪،‬‬
   ‫ضوء الاكتشافات التي تم‬       ‫باعتبارها المثل الأعلى لـ»حياة‬    ‫يمكن اعتبار مهمته قد اكتملت‬
‫إجراؤها في هذه المجالات منذ‬                                         ‫على هذه الأرض من منطلق‬
  ‫اكتشاف واطسون وكليرك‬                           ‫بلا نهاية»‪.‬‬          ‫نظرية التطور؛ لذلك فمن‬
    ‫لبنية الحمض النووي في‬           ‫كل هذا مضبوط ويحتاج‬                ‫الطبيعي أن الإنسان منذ‬
 ‫عام ‪ ،1953‬أن تأجي ًل كبي ًرا‬      ‫إلى النظر فيه بعناية‪ .‬تبقى‬      ‫هذه المرحلة‪ ،‬مثله مثل جميع‬
     ‫أو أقل لنهاية الحياة هو‬    ‫الحقيقة أن ثمة علماء آخرين‪،‬‬            ‫الثدييات الأخرى‪ ،‬يشيخ‬
   ‫أمر مستحيل بشكل قاطع‬           ‫على نفس القدر من الجدية‪،‬‬            ‫ويموت‪ ،‬كما نقول تما ًما‪،‬‬
  ‫ونهائي؟ الحقيقة هي أننا لا‬         ‫يدافعون عن وجهة نظر‬            ‫من أجل «مساحة للصغار»‪.‬‬
    ‫نعرف أي شيء عن ذلك‪،‬‬             ‫مختلفة‪ .‬إذا لم يكن «موت‬         ‫من وجهة نظر الأنواع‪ ،‬فإن‬
‫لكننا نعمل عليه‪ ،‬وهذا البحث‬        ‫الموت»‪ ،‬بالفعل‪ ،‬على جدول‬          ‫الشيخوخة والموت مفيدان‬
‫حول الخلايا السرطانية‪ ،‬التي‬     ‫الأعمال‪ ،‬فإن فكرة دفع حدود‬           ‫للغاية‪ ،‬بل ولا غنى عنهما‪،‬‬
‫تقتلنا وللمفارقة؛ لأنها خالدة‪،‬‬    ‫نهاية الحياة بشكل كبير إلى‬        ‫والرغبة في معارضة منطق‬
     ‫ويفتح أي ًضا آفا ًقا حول‬       ‫الوراء هي ليست شيئًا لا‬        ‫الطبيعة من شأنه أن يعرض‬
‫السيطرة على الزمن‪ ،‬و»الزمن‬       ‫يمكن تصوره علميًّا‪ .‬صحيح‬             ‫المرء نفسه لخيبات الأمل‬
 ‫البيولوچي»‪ ،‬والذي يمكن أن‬       ‫أي ًضا أنه لا يوجد حتى الآن‬
                                  ‫تقدم حقيقي في هذا المجال‪،‬‬
                                    ‫حتى لو كان حول بعض‬
                                 ‫فطريات عيش الغراب وحول‬
   153   154   155   156   157   158   159   160   161   162   163