Page 245 - m
P. 245
243 ثقافات وفنون
حوار
اليسير من الجماهيرية والرصيد للظروف التي تمر بها البلد ،فمنذ ومصادرة أملاكها ومنع أنشطتها
الشعبي الذي تمتعت به في يوم سيد قطب في الستينيات (الذي هو الأقسى في تاريخها ،وصحيح
يراه البعض شهي ًدا من شهداء
من الأيام؟ الإسلام ،بينما يراه البعض أن هذه الهجمات تدفع الكثيرين
الآخر الأب الروحي للأعمال من أعضائها للشعور بالمظلومية
في تحليلك لأسباب الهزيمة الإرهابية الجهادية) لم تنتج كما قد تدفع بعض فئات المجتمع
الثقيلة التي تلقتها مصر الجماعة مفك ًرا على شاكله قطب للتعاطف معها وللتماهي مع هذا
من إسرائيل عام ،1967 الشعور بالمظلومية ،إلا أن التحدي
يقدم رؤية متماسكة ت َّدعي القدرة
باحتلال كامل شبه جزيرة على التعاطي مع مشاكل المجتمع الحقيقي الذي يتهدد الجماعة
سيناء ،ح َّملت جمال هو عزوف قطاعات كبيرة من
والاشتباك معها. المجتمع عنها والنفور من رسالتها
عبد الناصر فاتورة هذه لحسن البنا ،مؤسس جماعة
الهزيمة ..لماذا تعتقد أن الإخوان المسلمين ،مقولة مشهورة واستنكار أفعالها.
المصريين خرجوا عقب عن الجماعة التي أسسها .هذه فصحيح أن الجماعة حظيت
إعلان تنحيه للشوارع المقولة هي «إن جماعة الإخوان بشعبية كبيرة مكنتها من الفوز
المسلمين دعوة سلفية ،وطريقة في الانتخابات البرلمانية عام
مطالبين بعدوله عن سنية ،وحقيقة صوفية ،وهيئة ٢٠١١وبالانتخابات الرئاسية
التنحي؟ ولماذا كانت جنازته سياسية ،وجماعة رياضية، عام ،٢٠١٢الأمر الذي مكنها
الشعبية مهيبة إلى هذا الحد ورابطة علمية ثقافية ،وشركة من استلام مقاليد الحكم ،إلا
اقتصادية ،وفكرة اجتماعية». أنه سرعان ما تبين للناس أنها
وهو قائد مهزوم؟ وعلى بلاغة هذه العبارة وقوتها، غير قادرة على إدارة دفة الأمور،
إلا أني أرى أنها تشكل مصدر وأن شعاراتها البراقة ،وأهمها
في الخطاب الذي ألقاه يوم ٢٣ خوف وجزع عميقين .هذه المقولة «الإسلام هو الحل» ،لا تقدم
كان من الممكن استساغتها في حلو ًل لمشاكل البلد الاقتصادية
يوليو ١٩٦٧بمناسبة عيد الثورة عقد الثلاثينات بتنظيماته النازية والاجتماعية والسياسية .كما
والفاشية .أما الآن فلا مكان لهذه شك قطاع من المجتمع في أن
صارح جمال عبد الناصر الشعب الأفكار الشمولية التي تعني أن ولاء أعضاء الجماعة للجماعة قد
من يختار الانضمام للجماعة يكون أقوى من ولائهم للبلد .هذا
المصري بما حدث في معركة يختار ،في الواقع ،الانفصال عن إضافة لانحسار موجة التدين
وطنه الأم ،مصر ،وأن يصبح التي شهدتها البلد ،والمنطقة
يونيو ،وكانت تلك المرة الأولى ولاؤه موج ًها لهذه الجماعة برمتها ،منذ السبعينيات ،وعزوف
بأجنحتها الفكرية والاقتصادية قطاعات كبيرة من الشباب عن
التي يتعرف فيها المصريون على الانخراط في الجماعة كفرصة
والاجتماعية والرياضية للعمل السياسي ،فأغلب الشباب
حقيقة ما حدث في المعركة ويقف والسياسية (هذا إذا غضضنا الآن عازف عن العمل السياسي
الطرف عن الجانب العسكري). لخطورته ،ومهموم بقضايا
على أسباب الهزيمة ،أو على الأقل جماعة الإخوان المسلمين تواجه اقتصادية واجتماعية وأسئلة
اليوم تحد ًيا وجود ًّيا :هل تستسلم جنسية وحياتية وفنية لا تقدم لها
على سردية عبد الناصر عن لبكائيات المظلومية ،أم تعيد النظر
جذر ًّيا في أفكارها ومعتقداتها الجماعة حلو ًل عملية.
المعركة والهزيمة. ودورها حتى تحتفظ بالنذر المشكلة الحقيقية للجماعة تكمن
في ضمور فكرها وعدم مواكبته
في هذا الخطاب ألقى عبد الناصر
باللائمة على قادة الجيش،
وتحدي ًدا على قادة سلاح
الطيران والدفاع الجوي (وقتها
كان هذا سلا ًحا واح ًدا قبل أن
١٩٦٨ ُيوفيصصبل احلدفسالاع ًاحالجموستيق ًّعلا)م،
وقال
إنهم لم يستمعوا لتحذيراته عن
قرب اندلاع الحرب ولا أخذوا