Page 249 - m
P. 249

‫‪247‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫حوار‬

     ‫قرأت تدوينة لك تقول‬                     ‫بنجامين فرانكلين‬        ‫بالفطرة للديمقراطية‪ .‬هذا قول‬
      ‫إنك ستصوت لصالح‬                                               ‫عنصري ومن يقول به عنصري‬
     ‫المرشح الرئاسي أحمد‬            ‫بطبيعتها‪ ،‬وتستلزم دو ًما من‬
      ‫الطنطاوي لأن طرحه‬                     ‫يدافع عنها ويحميها‪.‬‬                             ‫أي ًضا‪.‬‬
  ‫لمسألة الديمقراطية ودور‬                                           ‫هذا الادعاء هو ما كان المستع ِمر‬
 ‫ووظيفة الرئيس في الحياة‬             ‫أنا أقطن في الولايات المتحدة‬    ‫الأوروبي يقوله لنفسه قبل أن‬
  ‫العامة أعجبك‪ ..‬هل تعتقد‬              ‫التي تنعم بواحد من أقوى‬
   ‫أن (الكلام) كا ٍف في مثل‬          ‫الأنظمة الديمقراطية‪ .‬ولكني‬        ‫يقوله للمستع َمر‪ .‬هذا الادعاء‬
  ‫هذه الحالات؟ ألم يقل كل‬            ‫شاهدت بعيني كيف نجحت‬                ‫يقول إن هناك شعو ًبا غير‬
‫المرشحين كلا ًما جمي ًل قبل‬                                             ‫مهيئة لحكم نفسها بنفسها‪،‬‬
   ‫انتخابهم وتراجعوا عنه؟‬            ‫جموع غفيرة في اقتحام مقر‬
    ‫وأليس أحمد الطنطاوي‬            ‫الكونجرس يوم ‪ ٦‬يناير ‪٢٠٢١‬‬        ‫وهناك‪ ،‬بالمقابل‪ ،‬شعوب ناضجة‬
‫نفسه ابن التجربة الناصرية‬                                               ‫لديها القدرة على ذلك‪ .‬وكان‬
     ‫الديكتاتورية؟ ما الذي‬           ‫مهددة النظام الديمقراطي في‬           ‫جزء محوري من الخطاب‬
  ‫يجعلك تطمئن إلى صدقه؟‬                               ‫عقر داره‪.‬‬
                                                                    ‫الاستعماري القول بأن الشعوب‬
 ‫في أي انتخابات لا يجد الناخب‬        ‫الأنظمة الديمقراطية لم تولد‬     ‫الناضجة عليها مسؤوليه حكم‬
‫أمامه سوى كلام المرشح للحكم‬           ‫هكذا‪ ،‬ولكنها تطورت نتيجة‬       ‫الشعوب الأخرى القاصرة لأن‬
                                   ‫نضال وعراك؛ فهناك دو ًما من‬      ‫تلك الأخيرة غير مهيئة بالفطرة‬
    ‫عليه‪ .‬قد يكون الكلام منم ًقا‬   ‫يعتقد أن حرية الرأي يجب أن‬                 ‫لحكم نفسها بنفسها‪.‬‬
  ‫وجمي ًل‪ ،‬وقد يكون فضفا ًضا‬         ‫تكبل‪ ،‬وهناك دو ًما من يعتقد‬         ‫ما نسمعه من حكامنا الآن‬
                                   ‫أن حرية الاجتماع قد يتمخض‬            ‫يحاكي في عنصريته ما كان‬
    ‫خاليًا من المعنى‪ .‬وقد يكون‬    ‫عنها تهديد للأمن العام‪ ،‬وهناك‬      ‫المستع ِمر يردده لتبرير تحكمه‬
‫مفص ًل في شكل برنامج واضح‬         ‫دو ًما من يعتقد أن المرأة لا يجب‬     ‫في مصائرنا‪ .‬لذا أنا كثي ًرا ما‬
                                      ‫تتمتع بنفس حقوق الرجل‪.‬‬         ‫أرى أن نظامنا الحالي يتصرف‬
    ‫ودقيق‪ ،‬وقد يكون شعارات‬         ‫الحريات دائ ًما مهددة‪ ،‬حتى في‬    ‫معنا وكأنه قوة احتلال غرضها‬
  ‫طنانة‪ .‬ولكنه في النهاية كلام‪.‬‬   ‫أعتى الديمقراطيات‪ ،‬ولكن هناك‬             ‫الدائم إخضاعنا وإذلالنا‬
  ‫السؤال هنا هو فحوى الكلام‬       ‫أي ًضا من هو مستعد للدفاع عن‬          ‫وتذكيرنا دو ًما بعدم أهليتنا‬
                                     ‫هذه الحريات بأعز ما يملك‪.‬‬                 ‫للحرية والاستقلال‪.‬‬
      ‫ومعناه‪ ،‬وجديته ومغزاه‪.‬‬                                             ‫في مواجهة هذه الادعاءات‬
     ‫هناك بعض مما قاله أحمد‬                                           ‫الباطلة يجب دو ًما التأكيد على‬
                                                                        ‫أنه لا توجد شعوب قاصرة‬
       ‫الطنطاوى الذي أرى أنه‬                                          ‫بالفطرة عن فهم الديمقراطية‪.‬‬
 ‫فضفاض وكنت أتوقع منه دقة‬                                            ‫ولكن يجب أي ًضا التذكير بأنه‪،‬‬
 ‫أكثر‪ ،‬مثل رفضه للختان الذى‬                                              ‫في المقابل‪ ،‬لا توجد شعوب‬
                                                                        ‫مهيئة بالفطرة للديمقراطية‪.‬‬
    ‫لم يكن قطعيًّا بالشكل الذي‬                                       ‫فالديمقراطية ممارسة‪ ،‬وليست‬
   ‫أبتغيه‪ .‬ومثل رفضه لظاهرة‬                                         ‫فطرة‪ .‬التوق للحرية فطرة ُفطر‬
  ‫التحرش بالمرأة الذي رأيت أن‬                                           ‫الإنسان عليها‪ .‬أما ممارسة‬
   ‫ما يهمه في هذه الظاهرة أنها‬                                       ‫الديمقراطية فعمل دقيق وشاق‬
    ‫لا تليق بمصر‪ ،‬لا أنها تضر‬                                             ‫يتعرض دو ًما لانتكاسات‬
 ‫بالنساء كذوات لهن كينونتهن‪.‬‬                                              ‫وهزائم‪ .‬لذا فالديمقراطية‬
                                                                           ‫‪-‬كنظام سياسي‪ -‬هشة‬
   244   245   246   247   248   249   250   251   252   253   254