Page 254 - m
P. 254
لأهمية الحدث في حد ذاته .فلأول مع سلسلة من الإحباطات الدراسية
مرة يتم تأسيس مسرح حر هدفه يبزغ نجم جاري شاعًرا رمز ًّيا،
التجريب. ويتعرف على مالارميه ويتردد عليه،
ولم يلبث المسرح الحر أن انزلق كما ينشر نصوصه في عدد من
في الواقعية المسرفة التي أثارت الصحف الطليعية ،التي تحمست
وصرف عنه الرمزيين وأتاح إحداها ،الميركور دي فرانس ،لطبع
الفرصة لظهور «مسرح الفن» نصوصه وترجماته ،كما نشرت "أوبو
في نوفمبر ،1890ودأب الشاعر مل ًكا" لأول مرة ،كما يقيم جاري مع
بول فور مدير هذا المسرح على
تقديم العروض الغامضة التي جوجان لفترة ،بما يسمح له بأن
يستحيل تقديمها على المسرح ،بل يحيط بالمشهد الأدبي والفني
وكذلك القصائد الطوال مثل نشيد والحراك الكبير الذي اتسمت به في
الإنشاد الذي جمع بين الكلمة
والموسيقي والألوان والعطور تلك الفترة.
أي ًضا. أول محاولة لأنطوان الذي أنشأ وسيكون لذلك كله الأثر الكبير
ولم ينجح المسرح الرمزي في «المسرح الحر» عام ،1887وظل على عروض مسرح العرائس(.)3
تجديد الفن المسرحي نجا ًحا
كام ًل لأنه كان يلجأ دائ ًما إلى يغذيه حتى عام ،1896كان أما عن المسرح ،فقد شهدت
الشعر وأصبحت المسرحيات المسرح في كل شهر يعرض تلك الفترة ثورة انطلقت مع
أشبه بالقصائد الطوال .غير أنه مسرحية لجمهور من المشتركين تأسيس المسرح الحر ،كمقابل
أرسى دعائم التجديد والرغبة في كانت حصيلة اشتراكهم تغطي لمسرح البولفار ،يشير إليها
التجريب والانصراف عن عروض التكاليف ،وبذلك تمكن مسرح أحد النقاد بقوله« :كان الإنتاج
الشباك -مع التجديد في الديكور أنطوان من أن يتجنب الرقابة المسرحي أكثر تنوي ًعا وأهمية.
واستطاع أن يعرض مسرحيات فقد بدأت الظروف المادية تتغير،
والنزوع إلى البساطة فيه. كان لا يمكن لأي مسرح آخر وبدأت قاعدة الجمهور تتسع
هذه البساطة في الديكور هي أهم أن يقدمها .كان ذلك بمثابة حقل وبدأ يفقد شيئًا فشيئًا انتماءه
تجارب بشأن الجرائد الأدبية البورجوازي .وكثرت قاعات
ما أخذه الممثل الشهير بو عن الصغيرة التي كانت قد بدأت العرض بحيث أصبح من الممكن
مسرح الفن عندما حمل المشعل تنتشر وكان ذلك بداية طليعة أن تتخصص بعضها وتكتفي
بجمهور محدود وترحب ببعض
وأسس مسرح «الأوفر» ،غير مسرحية. المحاولات الجريئة .وبذلك نشأ
أنه تنبه إلى خطورة الخلط بين كان ذلك بمثابة ثورة حقيقية في مسرح للطليعة يعارض مسرح
المسرح والشعر .وأصبح يميز البولفار (مسرح الشباك) .وكانت
بين العروض المسرحية وبين المسرح ،ولم يكن بسبب أهمية
العروض المقدمة بقدر ما كان
الأمسيات الشعرية.
ولكن ما إن حل عام 1897حتى
بدأ بو يتجه نحو الواقع موليًا
ظهره للرمزيين الذين اعتبروا
ذلك منه خيانة .وبالفعل ك ُّفوا عن
تقديم العروض إليه .ومن ثم اتجه
بو إلى تقديم العروض القريبة
من عروض الشباك أو الفودفيل.