Page 250 - m
P. 250

‫في إحدى المؤسسات الدولية‪.‬‬           ‫هزيمة يونيو كانت هزيمة هيكلية‪،‬‬
 ‫أحمد الطنطاوي هو ابن نظامنا‬          ‫أي تتعلق بهيكل النظام الحاكم في‬
  ‫البرلماني بكل مزايا هذا النظام‬      ‫مصر‪ .‬وبهذا المعنى أقول أي ًضا إن عبد‬
                                      ‫الناصر هو المسؤول عن الهزيمة لأنه‬
                      ‫وعيوبه‪.‬‬          ‫هو من هندس هذا النظام الحاكم‬
    ‫والكلمة المحورية فيما سبق‬           ‫وأدار دفته منذ عام ‪ .١٩٥٢‬أما لماذا‬
     ‫هي «اكتسب»‪ ،‬فالسياسي‬               ‫نزلت الجماهير يومي ‪ ٩‬و‪ ١٠‬يونيو‬
     ‫لا يولد سياسيًّا‪ ،‬مثله مثل‬        ‫‪ ١٩٦٧‬بمئات الآلاف تنادي عبد الناصر‬
‫الشعوب التي لا تولد ديمقراطية‬          ‫بالعدول عن قرار التنحي‪ ،‬فذلك في‬
    ‫بالفطرة‪ .‬السياسي يكتسب‬
                                        ‫رأيي نتيجة هذا النظام السياسي‬
       ‫مهارته بالخبرة والعمل‪،‬‬                ‫الذي هندسه عبد الناصر‪.‬‬
             ‫بالتجربة والخطأ‪.‬‬
                                          ‫أرى الطنطاوي ابن تجربته‬        ‫ومثل عدم إدانته الصريحة‬
‫وما سمعته في حديث الطنطاوي‬               ‫البرلمانية‪ .‬الطنطاوي اكتسب‬  ‫لفظائع نظام بشار الأسد (عليه‬
 ‫منذ يومين (وقت إجراء الحوار‬
                                            ‫مهاراته السياسية نتيجة‬                   ‫أشد اللعنات)‪.‬‬
    ‫في ‪ 9‬سبتمبر ‪ ،)2023‬وفي‬                ‫خوضه الانتخابات وفوزه‬      ‫لكن‪ ،‬بالرغم من هذه التحفظات‬
      ‫أحاديث أخرى سابقة له‪،‬‬               ‫فيها مرتين‪ ،‬وإن كان ُحرم‬   ‫القوية‪ ،‬رأيت فيه شخ ًصا يؤمن‬
                                         ‫من فوزه الثاني‪ .‬والأهم أنه‬
    ‫توضح لي مدى إيمانه بقيم‬             ‫اكتسب مهاراته السياسية في‬         ‫بالديمقراطية إيما ًنا عمي ًقا‪،‬‬
     ‫العمل الديمقراطي وآلياته‪،‬‬        ‫عمله كنائب عن دائرته في شرم‬    ‫ويؤمن بحق الناس في محاسبته‬
‫ومدى اعتزازه بسجله البرلماني‪،‬‬            ‫الشيخ ومحاولاته أن يخدم‬
  ‫واستعداده للاعتراف بأنه قد‬                                             ‫ومساءلته‪ ،‬ويؤمن بأن دور‬
‫يكون أخطأ وجانبه الصواب في‬                  ‫ناخبيه بإخلاص وتفا ٍن‪.‬‬    ‫رئيس الجمهورية هو أن يكون‬
                                      ‫وهو هنا يختلف عن المرشحين‬
                ‫بعض قراراته‪.‬‬                                             ‫خاد ًما للشعب‪ ،‬وأن مصدر‬
  ‫هل هذه الخبرة البرلمانية التي‬            ‫السابقين‪ ،‬فهو لم يأت من‬     ‫شرعيته نابع من رضا الناس‬
 ‫اكتسبها أحمد الطنطاوي كافية‬                 ‫خلفية عسكرية‪ ،‬ولا هو‬       ‫عنه‪ ،‬وأنه إذا فقد هذا الرضا‬
  ‫للحكم عليه بشكل قطعي بأنه‬
  ‫سياسي محنك؟ لا أعتقد ذلك‪،‬‬               ‫مدعوم من جهاز أمني من‬                       ‫فقد شرعيته‪.‬‬
                                           ‫أجهزة الأمن العديدة التي‬         ‫طب ًعا أن مدرك أن أحمد‬
    ‫ولكني أعتقد أن تلك الخبرة‬              ‫تقف خلف «ساستنا» (إن‬        ‫الطنطاوي له خلفية ناصرية‪،‬‬
     ‫صقلت قدراته وعمقت من‬              ‫صحت هذه التسمية)‪ ،‬ولا هو‬            ‫لكني لا أراه ابن التجربة‬
                                       ‫اكتسب مهاراته السياسية من‬          ‫الناصرية (أي تجربة حكم‬
                      ‫قناعاته‪.‬‬            ‫إدارته لشركة عملاقة‪ ،‬ولا‬       ‫عبد الناصر التي سبق وأن‬
   ‫هل أتفق مع كل ما قاله أحمد‬            ‫هو يتفاخر بخبرته السابقة‬          ‫أوضحت مكامن خللها في‬
                                                                       ‫إجابتي على سؤال سابق)‪ .‬أنا‬
     ‫الطنطاوي؟ هل هو المرشح‬
‫المثالي؟ بالطبع لا‪ ،‬ولكني لا أبحث‬

    ‫عن مرشح أتفق معه مائة في‬
‫المائة‪ ،‬بل مرشح أرى فيه اعتزا ًزا‬

  ‫بخبرته النيابية‪ ،‬وإدرا ًكا عمي ًقا‬
     ‫لحقيقة كون الرئيس خاد ًما‬

  ‫للشعب وليس طبيبًا للفلاسفة‪،‬‬
  ‫واستعدا ًدا لسماع رأي الخبراء‬

    ‫والمتخصصين‪ ،‬وإيما ًنا عمي ًقا‬
              ‫بقيم الديمقراطية‬
   245   246   247   248   249   250   251   252   253   254   255