Page 252 - m
P. 252

‫العـدد ‪59‬‬                        ‫‪250‬‬

                                   ‫نوفمبر ‪٢٠٢3‬‬

              ‫تنقيحها وإعدادها‪.‬‬     ‫في الحديث وحركاته المبالغ فيها‪،‬‬    ‫ويسجل تاريخ جاري المدرسي‬
         ‫وفي العام التالي عرضت‬      ‫أسطورة تنتقل من جيل إلى جيل‬           ‫في تلك الفترة أنه حصل على‬
   ‫البولنديون مرة أخرى في بيت‬        ‫من أجيال الطلبة حتى أصبحوا‬           ‫الكثير من الجوائز المدرسية‬
      ‫دي موران‪ ،‬وهي المسرحية‬                                               ‫خصوصا في اللغة اللاتينية‬
  ‫التي سوف يستفيد منها جاري‬             ‫يتناقلون اسمه كما يتناقلون‬
  ‫فيما بعد حينما يخرج إلى النور‬         ‫كلمة السر‪ ،‬مع اختصاره في‬     ‫واللغة الفرنسية‪ ،‬وفي عام ‪،1888‬‬
      ‫مسرحيته «أوبو مل ًكا»‪ .‬تلك‬      ‫أغلب الأحيان إلى حرفين اثنين‬       ‫وهو العام النهائي في مدرسة‬
‫الاستفادة التي اختلف في تقديرها‬
     ‫النقاد وبالغ بعضهم في ذلك‬            ‫يسمعونهما فيتضاحكون‪.‬‬         ‫سان بريوك‪ ،‬حصل على جائزة‬
  ‫بحيث جعل دور جاري يقتصر‬             ‫في مدرسة رين‪ ،‬أي ًضا توطدت‬        ‫التفوق الأولى والجائزة الأولي‬
    ‫على نوع من التنقيح وترتيب‬          ‫علاقات جاری‪ ،‬بأحد زملائه‬         ‫في التعبير الفرنسي والأولى في‬
                                     ‫في الفصل وهو هنری موردان‪.‬‬       ‫اللغة اللاتينية والأولى في الترجمة‬
                     ‫المشاهد(‪.)1‬‬     ‫وكان في حوزة هذا الزميل عدد‬     ‫الإغريقية والأولى من الرياضيات‬
     ‫وعلي ما شهدته حياة جاري‬       ‫كبير من التمثيليات والاسكتشات‬
‫الدراسية في مدرسة رين الثانوية‬      ‫والمسرحيات القصيرة تدور كلها‬           ‫كما حصل على سبع جوائز‬
   ‫من نجاحات وجوائز دراسية‪،‬‬            ‫حول الأستاذ هيبير‪ .‬من هذه‬                            ‫تقديرية‪.‬‬
      ‫وبخاصة في اللغة اللاتينية‪،‬‬   ‫المؤلفات تذكر أهمها وكان بعنوان‬
   ‫وهو ما أورده المترجم إبراهيم‬    ‫«البولنديون»‪ .‬وكان الجزء الأعظم‬     ‫وفي سن الخامسة عشرة التحق‬
      ‫حمادة بالتفصيل في مقدمة‬          ‫منها من تأليف شقيق هنری‬         ‫جاري بمدرسة «رين» الثانوية‪.‬‬
   ‫ترجمته لمسرحية «أوبو مل ًكا»‪،‬‬   ‫ويدعي شارل‪ ،‬الذي كان قد غادر‬      ‫كان يبدو أكبر من سنه‪ .‬ولم تكن‬
 ‫إلا أن ما يعنيننا في هذه الدراسة‬    ‫رين‪ ،‬ليكمل دراسته في باريس‪.‬‬       ‫دراسته في تلك المدرسة فرصة‬
      ‫أمران لهما أهمية في تحليل‬                                       ‫أتاحت له معرفة الأدبين الأعظم‪:‬‬
   ‫المسرحية كما سيرد‪ ،‬هما أو ًل‪:‬‬        ‫وفي ديسمبر من نفس العام‬        ‫الإغريقي واللاتيني وحسب‪ ،‬بل‬
    ‫دراسة جاري لفلسفة نيتشة‬          ‫عرضت مسرحية «البولنديون»‬        ‫كانت أي ًضا الفرصة التي اكتشف‬
  ‫في لغته الأصلية على يد الأستاذ‬   ‫في بيت أسرة موران‪ .‬وقام هنری‬      ‫من خلالها الرجل الذي أوحي اليه‬
  ‫بوردون‪ ،‬قبل ترجمة نيتشة إلى‬                                        ‫بشخصية «أوبو»‪ ،‬تلك الشخصية‬
‫الفرنسية‪ .‬وثانيًا‪ :‬عرض مسرحية‬           ‫بدور هيبير‪ ،‬وصمم الديكور‬       ‫التي كتبت له وكتب لها الخلود‬
                                    ‫ألفريد جاري‪ ،‬ومن المرجح أي ًضا‬     ‫م ًعا‪ .‬كان ذلك الرجل هو مدرس‬
                                                                        ‫مادة الطبيعة في المدرسة وكان‬
                                       ‫أن يكون جاري قد اشترك في‬       ‫يدعي هيبير وكان في نظر العديد‬
                                     ‫كتابه المسرحية أو على الأقل في‬    ‫من أجيال الطلبة مثا ًل للمدرس‬

                                                                                          ‫«الخيخة»‪،‬‬
                                                                                           ‫كان مثا ًرا‬
                                                                                            ‫لسخرية‬

                                                                                              ‫الطلبة‬
                                                                                        ‫واستهزائهم‪.‬‬
                                                                                        ‫وهكذا أصبح‬
                                                                                        ‫السيد هيبير‬

                                                                                            ‫نو ًعا من‬
                                                                                          ‫الأسطورة‬

                                                                                              ‫الحية‪،‬‬
                                                                                            ‫بسحنته‬
                                                                                            ‫وطريقته‬
   247   248   249   250   251   252   253   254   255   256   257