Page 256 - m
P. 256

‫العـدد ‪59‬‬                        ‫‪254‬‬

                                     ‫نوفمبر ‪٢٠٢3‬‬

‫نيات الإنسان وسجايا‬
     ‫الحجر‪“..‬المسجد‬

                                                                ‫يحيى الشيخ‬

   ‫(العراق‪ -‬النرويج) الجامع بالقيروان”‬

    ‫تفيد بأنه حصيلة ثلاثة عشر‬           ‫وتوسيع‪ ،‬وإضافة‪ ..‬انتهى إلى‬     ‫مثلما ُبنيت مدينة القيروان بعد‬
     ‫قر ًنا ونيف من البناء والهدم‬     ‫شكله العام الذي نراه الآن سنة‬
‫والتخريب‪ ،‬والتوسيع‪ ،‬والإضافة‪،‬‬                                            ‫الفتح الإسلامي لشمال أفريقيا‪،‬‬
    ‫والتزويق‪ .‬لقد تضافرت مئات‬             ‫‪826‬م في زمن زياد الله بن‬         ‫ُبني جامعها الكبير ويسمونه‬
‫الفؤوس على هدمه وتعاضدت على‬          ‫إبراهيم بن الأغلب (الحاكم الثالث‬
  ‫بنائه مئات الأيدي والقلوب عبر‬       ‫لبني الأغلب) بعد أن ُهدم بسبب‬      ‫أي ًضا جامع عقبة بن نافع نسبة‬
‫مئات السنين‪ .‬إنها قدرة فائقة على‬     ‫حرب أهلية‪ .‬في عهود لاحقة وعلى‬           ‫للقائد الأموي الذي أخضع‬
‫البقاء أبدعها حب الناس وتفانيهم‪.‬‬     ‫يد الدول التي تعاقبت جرت عليه‬
‫قبل أن أدخل الجامع‪ /‬موضوعي‬                                                 ‫القيروان كليًّا في حملته الثالثة‬
    ‫أود الإشارة إلى أمرين‪ :‬إن ما‬       ‫بعض الإضافات والإصلاحات‬         ‫عليها عام ‪665‬م‪ .‬ويقال إن المدينة‬
    ‫قرأته عن القيروان ومسجدها‬            ‫كان آخرها على يد العثمانيين‬    ‫شيدت على أنقاض حصن للروم‪،‬‬
    ‫الكبير اعتمدته مصادر أ َّرخت‬         ‫عام ‪1882‬م‪ ،‬بيد أنها لم تغيّر‬  ‫ودام بناؤها خمس سنوات انتهى‬
  ‫نشأة الجامع وما جرى له طيلة‬          ‫من مساحته ولا من نمط بنائه‪.‬‬
     ‫عمره ليس إ َّل‪ .‬لم أكن معنيًّا‬      ‫بعد هذا التاريخ ُترك الجامع‬        ‫عام ‪670‬م‪ ،‬بعد عام تم بناء‬
  ‫بالتحقق من نزاهة المعلومة؛ مع‬      ‫لربه ينعم بالاستقرار والطمأنينة‬   ‫الجامع الواقع في الطرف الشمالي‬
   ‫وجود معلومات حصلت عليها‬                                             ‫من المدينة‪ ،‬فليس “أقدم من المدينة‬
 ‫تفيد أن الكثير منها غير دقيق أو‬                     ‫وإقامة الصلاة‪.‬‬    ‫جامعها” كما هو متداول‪ .‬والحال‬
   ‫جاء منحا ًزا للعصبيات القومية‬            ‫المسجد الجامع بالقيروان‬      ‫أنهما الاثنان ولدا في زمن واحد‬
                                        ‫بكل مشاكله التاريخية (يمكن‬
                                           ‫العودة إليها في حقل خاص‬                 ‫قبل ثلاثة عشر قر ًنا‪.‬‬
                                       ‫ملحق بالمقالة) يؤكد على حقيقة‬       ‫خلال عهود تلت بناءه تعرض‬
                                                                           ‫الجامع إلى عمليات هدم كلية‪،‬‬
                                                                       ‫وإعادة بناء‪ ،‬وهدم آخر‪ ،‬وتخريب‪،‬‬
   251   252   253   254   255   256   257   258   259   260   261