Page 253 - m
P. 253

‫‪251‬‬        ‫ثقافات وفنون‬

           ‫شخصيات‬

‫بول جوجان‬  ‫ألفريد جاري‬                                          ‫ألبرت تيبوده‬       ‫«البولنديون» مرة أخرى في بيت‬
                                                                                   ‫جاري‪ ،‬ولكن هذه المرة بالعرائس‬
             ‫ما يزال ينتشر في فرنسا داعيًا‬           ‫ومع سلسلة من الإحباطات‬
            ‫إلى فن كلي‪ ،‬يستمد عناصره من‬        ‫الدراسية يبزغ نجم جاري شاع ًرا‬             ‫أو ًل وبخيال الظل بعدها‪.‬‬
                                                                                    ‫ومع استقرار جاري مع والدته‬
               ‫الأدب والموسيقي والتصوير‬            ‫رمز ًّيا‪ ،‬ويتعرف على مالارميه‬
                ‫والإخراج في آن واحد‪ .‬أدى‬       ‫ويتردد عليه‪ ،‬كما ينشر نصوصه‬            ‫في عام ‪ 1890‬في باريس تبدأ‬
              ‫ذلك إلى الاختلاط الشديد بين‬                                            ‫سلسلة الفشل التي ربما كانت‬
               ‫المؤلفين على اختلاف فنونهم‬         ‫في عدد من الصحف الطليعية‪،‬‬       ‫وراء اتجاه جاري الكلي إلى الأدب‪،‬‬
           ‫وتخصصاتهم‪ .‬فكان الموسيقيون‬             ‫التي تحمست إحداها‪ ،‬الميركور‬         ‫فيما بعد فشل في الامتحانات‬
             ‫يؤلفون الافتتاحيات الموسيقية‬                                            ‫التحريرية أول مرة فالتحق في‬
             ‫للمسرحيات‪ .‬وكان المصورون‬               ‫دي فرانس‪ ،‬لطبع نصوصه‬          ‫أكتوبر بثانوية هنري الرابع ليجد‬
              ‫يصممون لها الديكورات ومن‬             ‫وترجماته‪ ،‬كما نشرت «أوبو‬           ‫بين زملائه طائفة من شعراء‬
           ‫ناحية أخرى أصبح فن التصوير‬           ‫مل ًكا» لأول مرة‪ ،‬كما يقيم جاري‬
           ‫بريادة دينی موريس يسعي إلى‬           ‫مع جوجان لفترة‪ ،‬بما يسمح له‬            ‫ونقاد المستقبل وعلي رأسهم‬
              ‫رفض المحاكاة والتقليد ُمطلِ ًقا‬  ‫بأن يحيط بالمشهد الأدبي والفني‬          ‫ألبير تيبوديه‪ ،‬وكان أستاذه‬
             ‫العنان لحرية الخيال‪ .‬فبعد أن‬        ‫والحراك الكبير الذي اتسمت به‬            ‫في مادة الفلسفة هو هنري‬
                ‫كان موضوع التصوير هي‬                                                 ‫برجسون‪ ،‬وكان جاري يسجل‬
             ‫الشيء المصور أصبح التركيز‬                           ‫في تلك الفترة‪.‬‬       ‫كل كلمة يقولها في المحاضرة‪.‬‬
            ‫ينصب على فن التصوير نفسه‪.‬‬          ‫ففي مواجهة الاستقرار الأكاديمي‬         ‫وفي العام التالي يلتحق بنفس‬
              ‫كما اتجه الاهتمام إلى الضوء‬                                          ‫المدرسة الشاعر ليون بول فارج‪،‬‬
               ‫الذي لم يعد مجرد صفة من‬              ‫الرسمي الذي كان سائ ًدا في‬     ‫ويصبح الصديق الحميم لجاري‬
              ‫صفات الموضوع وإنما أصبح‬            ‫الحقبة السابقة‪ ،‬ظهرت المدارس‬           ‫الذي توطدت علاقته بزميل‬
           ‫يتحدد بالنظرة التي تسلط عليه‪،‬‬       ‫الفنية المختلفة والجماعات المجددة‬    ‫آخر هو كلوديوس جاكيه الذي‬
                                                                                     ‫سيمد جاري بالكثير من ملاج‬
                                                   ‫وأعلنت كل منها عن برامجها‬      ‫شخصية «فالون» في كتابه «الأيام‬
                                                    ‫التي تعارض فيها القديم بل‬
                                                ‫وتتعارض فيما بينها‪ .‬كان تأثير‬                           ‫والليالي»‪.‬‬
                                                  ‫فاجنر‪ ،‬بفضل الشاعر بودلير‪،‬‬         ‫ونكمل صورة جاري من مقال‬
                                                                                      ‫للدكتور سالتا يحدثنا فيه عن‬

                                                                                       ‫جوانب أخرى من شخصيته‬
                                                                                         ‫فيقول‪ :‬كان جاري فتي في‬

                                                                                   ‫الثامنة عشرة أو التاسعة عشرة‪،‬‬
                                                                                       ‫مفتول العضلات يرتدي زي‬
                                                                                      ‫سباق الدراجات‪ .‬وكان يروي‬

                                                                                    ‫لنا الحكايات العجيبة والقصص‬
                                                                                  ‫الغريبة التي كان يعرف هو وحده‬
                                                                                   ‫سرها‪ ،‬وأذكر أنه روي لنا حكاية‬
                                                                                   ‫تدور حول مدينة‪ ،‬الأرصفة فيها‬

                                                                                      ‫هي التي تسير وليس الناس‪،‬‬
                                                                                  ‫وأبواب منازلها في الطابق العلوي‪،‬‬

                                                                                   ‫وذلك في زمن لم تكن فيه سلالم‬
                                                                                           ‫متحركة ولا طائرات(‪.)2‬‬
   248   249   250   251   252   253   254   255   256   257   258