Page 261 - m
P. 261

‫‪259‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫فنون‬

 ‫يمكننا تجاهلها أن ُيجعل القصير‬         ‫استحالته إلا بإضافة أو نقصان؟‬      ‫القصير أو استكمال ضلع ناقص‬
  ‫بطول الطويل بإضافة ما يلزمه‬            ‫المساءلة الثانية جاءت عبر فكرة‬     ‫أو دائرة قبة غير منتظمة‪ ..‬المهم‬
  ‫لذلك‪ ،‬ولكن واقعية البديهة هذه‬          ‫الشك الذي يلغيه اليقين‪ ،‬إذ يبدأ‬  ‫استقرار البناء ومتانته‪ .‬ولكن هل‬
                                         ‫باختلاف ويلغيه باختلاف آخر‬       ‫هذا يكفي لاستكمال النظر كونهما‬
    ‫لا تنزع من البصر الإحساس‬                                              ‫أصبحا بطول واحد بعد الإضافة‪..‬‬
  ‫باللاتماثل‪ ..‬إنه انتزاع براني لا‬          ‫والناقص يتمم الكامل؟ ولكن‬
                                          ‫أ ًّيا منهما يحمل فكرة الناقص؛‬      ‫أعني هل الإضافة تلغي فكرة‬
            ‫يلغي جوهر الحقيقة‪.‬‬            ‫الطويل أم القصير ما داما غير‬     ‫أنهما أقصر من بعضهما البعض‬
    ‫كانت مهمة البنَّاء تحقيق ذلك‬          ‫متماثلين؟ حيرة يبددها الواقع‬
     ‫عمليًّا والبرهنة عليه معمار ًّيا‬      ‫القائم منذ قرون‪ .‬فكرة الممكن‬      ‫أو أطول من بعضهما البعض؟‬
‫وتثبيت حقيقته الواقعية بصيغتها‬           ‫تحسم الأمر وتسوغه في منتهى‬        ‫ألم يكن من الممكن والمتاح اختيار‬
  ‫المعنوية‪ .‬فقد كان واث ًقا من كتلة‬
   ‫الحجر وتوازنها أكثر من ثقته‬              ‫الكمال عندما يستقر السقف‬         ‫عمودين بطول واحد وإقامتهما‬
‫بأهمية مقاساتها الهندسية التي لا‬         ‫ويعتدل الجدار‪ ،‬اختلال بصري‬          ‫بجانب بعضما؟ أو أن قبة تبدأ‬
‫تكف عن كشف اختلافاتها بغياب‬                                               ‫من قاعدة منتظمة لترتفع بانتظام‬
‫تناسقها‪ ..‬فهي في سياق صيرورة‬                ‫لا يمكن تفاديه إلا في مفهوم‬      ‫دون شطط؟ لم إذن هذا السهو‬
‫الثبات على الأرض منذ قرون‪ ،‬إنها‬        ‫الممكن واليقين الذي يستهلك المادة‬
  ‫تومئ عبر خصائصها الناقصة‬             ‫يبقي على تخمين العين‪ .‬بديهية لا‬          ‫إن كان سه ًوا أو هذا الخلط‬
     ‫بما هو مكتمل‪ ،‬وتستعير من‬                                                   ‫والتجريب ما يعرف مسب ًقا‬
‫حقيقة الثبات فكرة هاربة متخفية‬
   ‫في صلب الأعمدة غير المتماثلة‪.‬‬
 ‫تكشف عن هوى ثابت في مخالفة‬
  ‫وإهمال مسطرة القياس‪ ،‬وفكرة‬

       ‫عصية عن التحقق إلا عبر‬
 ‫تناقضاتها الواقعية وخصائصها‬

     ‫التاريخية‪ .‬إنها تكتنز مفهوم‬
    ‫النقض الظاهر في شكلها وقد‬
    ‫تحولت من فرضية إلى برهان‬
    ‫مادي على المشاهد أن يكتشف‬

                 ‫دلالات نظامها‪.‬‬
   ‫لقد ط َّوع البنَّاء الشعبي أشياء‬
 ‫البناء وتعامل مع صفاتها وأهمل‬
‫مواصفاتها ونجا بنفسه من حكم‬
  ‫واقعها فاستوت على الأرض في‬

               ‫ائتلاف أضدادها‪.‬‬
   ‫واءم المعماري بين الأضداد في‬
   ‫معيار البناء لكنه أبقاها حية في‬
‫معيار الفكرة التي ما فتئت تخترع‬

     ‫رؤاها بعي ًدا عن الأرض التي‬
‫استقرت فوقها‪ ،‬فأصبح النظر إلى‬
 ‫الاستطالة نظ ًرا لل ِقصر وللرهافة‬
   256   257   258   259   260   261   262   263   264   265   266