Page 262 - m
P. 262
العـدد 59 260
نوفمبر ٢٠٢3
بنفس الكفاءة .إنه برهان على إلى جمال هارب من ألفة السياق نظ ًرا للبدانة ،والنظر لصلابة
حقيقة كانت تعنيه بقدر أكبر مما يكمن في أخاديد الحجر واختلال المرمر نظ ًرا لهشاشة الحجر
البحري .في استواء الأضداد هدم
تعنينا الآن. القياس وغربة التاريخ ..جمال المعماري فجاجة الواقع ليضيء
أنزع نفسي عنوة من صحن يجمع تا ًجا من مرمر مزينًا
المسجد إلى سوره من الخارج بصليب وعمو ًدا مزينًا بطرة الخيال.
أكاد أقترب من أفكار “ابن
لأقف أمام أغرب معادلة مربعة منقوش عليها (لا قوة إلا الحسن النِّ َّفري” في استواء
معمارية احتواها المسجد تفوق بالله وعليه توكلنا) كان واث ًقا الأضداد“ .أليس في النقيض
في حساباتها كل توقعاتي ،إنها أنهما يرفعان سقف بيت الله حلول للمنقوض واثبات له” ..يا
ترى هل اقترب منها المعماري أو
حايثها واشتغل في هدى معاييرها
الجمالية؟ قرنان من السنين
تفصل بينهما فالأول كان في عهد
الأغالبة في القرن التاسع الميلادي
بينما توفي “النِّ َّفري” في منتصف
القرن الحادي عشر الميلادي .بهذا
الموقف خذل البنَّاء واقع الحجر
وانتصر لمعناه.
قرابة خمس وخمسين مجموعة
مختلفة النحت والزخرفة
والتخريم لتيجان الأعمدة في
الأروقة المحيطة بصحن المسجد
من المرمر الأبيض والأبيض
المشوب بالخضرة والحجر
الجيري الأبيض والأبيض المائل
للصفرة من مناطق مختلفة ،من
آثار رومانية وكنائس بيزنطية..
لم أعثر على تاجين متجاورين
متشابهين عدا أعمدة باب البهو
التي بنيت فيما بعد ،في القرن
الحادي عشر .ماذا دار في خلد
المعماري وهو ينأى بعي ًدا عن
التكرار؟ ألم يكن ابن صحراء
تتكرر مشاهدها كل يوم منذ
الولادة حتى الممات ،أو ابن مدينة
لا يختلف فيها بيت عن جاره ولا
نهج عن نهج بما يفضي إليه؟
كان يدرك أن اللاتماثل واستواء
الأضداد إنما هو طريق يفضي