Page 247 - m
P. 247
245 ثقافات وفنون
حوار
والاستعداد لدفع الثمن الباهظ ومنعه من التدخل في أمور الجيش الطاحنة في منتصف الستينيات،
الذي يتطلبه هذا. بد ًءا من عام ١٩٦٤إن لم يكن من ونتيجة لتقليل الاعتمادات المالية
المخصصة للقوات المسلحة ،فإن
ولكن السؤال هو :لماذا نزلت عام .١٩٦٢ قواتنا الجوية لم تكن لها القدرة،
الناس للشوارع؟ لماذا جاء فعل س :ولماذا سمح لعامر بأن
الناس بهذا الشكل؟ الإجابة في يمنعه من تعيين كبار القادة أو عمليًّا ،على تنفيذ تعليمات عبد
عزلهم وبالتالي خرج الجيش عن الناصر .بمعنى آخر ،المشكلة لم
رأيي أن كل الطرق الأخرى
كانت قد صودرت أو منعت سيطرته الفعلية؟ تكن تتعلق بتقاعس القادة ،بل
أو ُس َّدت .فلا وجود للأحزاب، ج :لأنه كان قد أعطى الجيش باستحالة تنفيذهم لتعليمات القائد
والبرلمان لا يعبر عن مصالح لعامر منذ عام « ١٩٥٣لتأمينه»،
الناس ،والعمل الطلابي المستقل أي للحيلولة دون قيام الجيش الأعلى للقوات المسلحة.
ممنوع ،والصحافة أُ ِّممت .كل هذا هذا لا يمنع أنه كان هناك بالفعل
لم يحدث أثناء المعركة ،بل كان بانقلاب بعد انقلاب .١٩٥٢
قد حدث بالفعل منذ منتصف بهذا المعنى أقول إن هزيمة يونيو قادة متقاعسون ،وغير أكفاء،
الخمسينيات .فالنظام الذي ومهملون ،بل كان منهم من ترك
هندسه عبد الناصر هو الذي كانت هزيمة هيكلية ،أي تتعلق ميدان القتال وترك سلاحه أثناء
ج َّرف الحياة السياسية بالشكل بهيكل النظام الحاكم في مصر. المعركة (مثل اللواء عثمان نصار
الذي لم يسمح للناس إلا بالنزول وبهذا المعنى أقول أي ًضا إن عبد قائد الفرقة الثالثة مشاة) ،وهذه
للشارع كتعبير وحيد عن آرائهم. الناصر هو المسؤول عن الهزيمة من أكبر الجرائم العسكرية التي
بهذا المعنى كان نظام عبد لأنه هو من هندس هذا النظام
الناصر نظا ًما شعبو ًّيا ُقلص فيه لا تضاهيها إلا جريمة الخيانة
عمل المؤسسات وتعاظم فيه الحاكم وأدار دفته منذ عام العظمى.
.١٩٥٢
دور الشارع. سَ :من الذي عين هواء القادة؟
للطيفة الزيات مقولة بليغة: أما لماذا نزلت الجماهير يومي ٩ ج :الذي عينهم هو القائد العام
«لا يحق لفرد أ ًّيا كان أن ييتِّم و ١٠يونيو ١٩٦٧بمئات الآلاف
شعبًا» .عبد الناصر يتَّم شعبه تنادي عبد الناصر بالعدول عن للقوات المسلحة ،المشير عبد
وهو حي ،ويتَّمه مرة ثانية قرار التنحي ،فذلك في رأيي نتيجة الحكيم عامر.
عندما مات .ومن هنا يمكن أن هذا النظام السياسي الذي هندسه
نفهم هذه الأعداد الغفيرة التي س :هل كان عبد الناصر يعلم
خرجت ملتاعة في جنازته يوم ١ عبد الناصر. أن جيشه يقوده قادة مهملون
أنا لا أنكر بالطبع شعبية عبد
أكتوبر .١٩٧٠ الناصر الجارفة ،ولا أنكر أن مستهترون؟
الكثيرين نزلوا بشكل عفوي، ج :نعم كان يعلم .وكان يعلم
سيبدو السؤال عبثيًّا ،لكن: تلقائي ،تطالبه بالبقاء .هناك أي ًضا أن الجيش تحت قيادة عامر
هل يحب المصريين الحكام تحول لمركز قوة ولدولة داخل
الديكتاتوريين؟ ولو أن ذلك بعض الأصوات التي كانت الدولة ،باستخدام مصطلحات
تطالب بمحاكمة عبد الناصر (في العصر وليس مصطلحات اليوم.
صحيح ،ما هي الأسباب مظاهرات عفوية في مدن القناة)، س :إذن ،وإذا كان يعلم أن هذا
وراء ذلك؟ لماذا يذهب
وهناك من كان يرى أن غياب وضع جيشه ،لماذا لم يعمل
الفقير إلى صندوق الاقتراع عبد الناصر معناه الاستسلام. على الإطاحة بهؤلاء القادة غير
لينتخب من أفقره؟ ولو كان وبالتالي فمن ضمن معاني هذه
المظاهرات هو رفض الهزيمة، الأكفاء؟
ليس بمعنى إنكار حدوثها ،بل ج :لأنه لم يكن يستطيع عمل ذلك.
بمعنى رفض نتائجها والإصرار س :لماذا لم يكن يستطيع أن يعدل
على خوض معركة جديدة، من أوضاع جيشه ويعزل القادة
المهملين؟
ج :لأن عامر كان قد غ َّل يده