Page 246 - m
P. 246

‫العـدد ‪59‬‬                          ‫‪244‬‬

                                   ‫نوفمبر ‪٢٠٢3‬‬

 ‫منه‪ ،‬بل كان لاستحالة تنفيذ هذا‬    ‫تقديراته وتوقعاته إلا أن أ ًّيا من‬      ‫الاحتياطات الكافية‪ .‬وتحدي ًدا‪،‬‬
‫الأمر؛ فتقليل الخسائر كان يتطلب‬       ‫القادة المجتمعين لم يعمل على‬        ‫قال عبد الناصر إنه اجتمع مع‬
 ‫نقل الطائرات من مطارات سيناء‬          ‫تبليغ تعليماته لقادة القواعد‬      ‫القادة العسكريين في مقر قيادة‬
                                      ‫الجوية أو اتخاذ أي إجراءات‬           ‫القوات المسلحة يوم ‪ ٢‬يونيو‪،‬‬
    ‫لمطارات العمق‪ ،‬ولكن مطارات‬        ‫احترازية‪ .‬ومن هنا ح َّمل عبد‬      ‫أي قبل اندلاع القتال بثلاثة أيام‪،‬‬
  ‫العمق مكدسة بالفعل بطائراتها‬        ‫الناصر مسؤولية الهزيمة إلى‬       ‫وقال لهم إنه لو كان مكان موشى‬
                                     ‫القادة العسكريين وإلى رأسهم‬          ‫ديان‪ ،‬وزير الدفاع الإسرائيلي‪،‬‬
     ‫وغير مستعدة لاستقبال أي‬            ‫صدقي محمود قائد سلاح‬               ‫لما انتظر حتى تتحرك القوات‬
     ‫طائرات إضافية‪ .‬والسبب في‬                            ‫الطيران‪.‬‬
 ‫ذلك بدوره عائد لقلة الاعتمادات‬         ‫كما نعلم‪ُ ،‬حكم على صدقي‬              ‫العراقية للدخول في الحرب‬
  ‫المالية وعدم الشروع في توسعة‬                                            ‫مع القوات الأردنية والوصول‬
 ‫المطارات أو بناء مطارات إضافية‬    ‫محمود أو ًل بالسجن لمدة خمسة‬            ‫للحدود الأردنية الإسرائيلية‪،‬‬
                                     ‫عشر عا ًما ثم أعيدت محاكمته‬         ‫الأمر الذي سيستغرق أسبو ًعا‪،‬‬
       ‫أو حتى بناء ُدشم لحماية‬       ‫بعد مظاهرات مارس ‪ ٦٨‬التي‬              ‫بل سيعمل على القيام بهجوم‬
       ‫الطائرات وهي رابضة على‬                                            ‫مباغت يجهض أي هجوم عربي‬
                                   ‫رأت الحكم خفي ًفا لا يتناسب مع‬          ‫مرتقب‪ .‬وأضاف عبد الناصر‬
                      ‫المطارات‪.‬‬    ‫جرمه‪ ،‬ف ُحكم عليه بعشرة أعوام‬            ‫أنه بناء على هذا التحليل فهو‬
   ‫نفس هذا التحليل كرره الفريق‬      ‫إضافية‪ .‬ودخل صدقي محمود‬            ‫يتوقع أن تبدأ إسرائيل الحرب في‬
  ‫أنور القاضي‪ ،‬الذي كان يشغل‬                                           ‫غضون ‪ ٧٢ : ٤٨‬ساعة‪ ،‬والأرجح‬
                                     ‫السجن بالفعل عام ‪ ،١٩٦٨‬إلا‬          ‫أن يهجم الإسرائيليون علينا في‬
      ‫منصب مدير هيئة العمليات‬      ‫أنه نال حريته عام ‪ ١٩٧٤‬بعد أن‬        ‫صباح يوم الاثنين ‪ ٥‬يونيو‪ ،‬وأن‬
  ‫أثناء الحرب‪ ،‬والذي أدلى بحوار‬    ‫أفرج عنه السادات في ذاك العام‪.‬‬         ‫هذا الهجوم في الأغلب سيأخذ‬
  ‫صحفي بنفس المعنى في حديث‬                                                 ‫شكل ضربة جوية على جميع‬
                                    ‫وكان أول ما قام به هو الإدلاء‬      ‫مطاراتنا بغرض تدميرها وتدمير‬
     ‫لمجلة آخر ساعة عام ‪.١٩٨٨‬‬       ‫بحديث صحفي لمجلة الحوادث‬            ‫سلاحنا الجوي‪ .‬وبناء عليه‪ ،‬أمر‬
    ‫من هنا ندرك أن الموضوع لا‬
    ‫ينحصر في دقة تقديرات عبد‬          ‫(عدد ‪ ٢٩‬مارس ‪ )١٩٧٤‬قال‬                ‫قادة سلاح الطيران والدفاع‬
 ‫الناصر وتقاعس القادة في تنفيذ‬     ‫فيه إن عدم تنفيذه لتعليمات عبد‬      ‫الجوي بتوقع هذا الهجوم والعمل‬
    ‫تعليماته كما ادعى في خطابه‪،‬‬    ‫الناصر بعد تحذيره الواضح في‬
  ‫بل الموضوع أكثر تعقي ًدا بكثير‪.‬‬   ‫اجتماع ‪ ٢‬يونيو لم يكن تخاذ ًل‬                          ‫على احتوائه‬
                                                                                                ‫وتقليل‬
      ‫فنتيجة للأزمة الاقتصادية‬
                                                                                          ‫خسائرنا منه‬
                                                                                         ‫بقدر الإمكان‪.‬‬

                                                                                             ‫وختم عبد‬
                                                                                               ‫الناصر‬

                                                                                            ‫هذا المقطع‬
                                                                                            ‫من خطابه‬
                                                                                            ‫بالقول إنه‬
                                                                                            ‫بالرغم من‬

                                                                                               ‫وضوح‬
                                                                                              ‫تعليماته‬

                                                                                                 ‫ودقة‬
   241   242   243   244   245   246   247   248   249   250   251