Page 27 - m
P. 27
25 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
وكأنه عشوائي .ولا تتوقف هذه الرمزية عند رقم في مجمل النص تنشغل المعشوقة بلملمة أشلاء
معين ،إنما تتغير ا ِّطرا ًدا من يوم إلى آخر. جسد العاشق المتناثرة في كل الجهات ،وتصنع ما
يشبه التميمة أو التعويذة ،تتحصن بها في صراعها
هذا الهيكل الرقمي في النص ،يذكرنا بالهيكل نفسه
الذي ينهض عليه سفر التكوين في الكتاب المقدس، مع قوى الطبيعة المجهولة ،وكائناتها الخرافية
والبنية الرقمية الموجودة في حواشي الإصحاحات الغامضة .كما تتوسل بها في الوقت نفسه ،لفك
رموز وطلاسم أسطورة بعث العاشق التي يصنعها
والأسفار ،بطابعها الديني الذي يوحي بفكرة
التناسل الكهنوتي المطرد من سفر إلى آخر ،ومن النص.
يراوح خطاب المعشوقة ما بين الإذعان لسطوة
إصحاح إلى آخر. الأسطورة الأويزرية ،وبين محاولة التملص منها.
لكنها في «ذاكرة الوعل» تبدو أقرب إلى طبيعة بينما يتسم خطاب العاشق بنزعة تمرد دائمة على
الألغاز والأحاجي ،بغرض إثارة فضول المتلقي، الأسطورة ،ورفض سطوتها؛ بل السخرية منها،
واستفزاز قدرته على التكهن والتخمين ،واختراع
ومقاومة قواها المطلقة الغامضة:
دلالة لكل هذا ..أية دلالة. (انحنت بين ساقيه ،أخي ًرا بدا الجسد كام ًل
وبرغم أن هذه البنية الرقمية تكرر العناصر المك ِّونة
وممز ًقا
لها باستمرار في نسيج النص ،إلا أنه من العبث في آ ٍن ،ماض ًيا في جلاله ،متوح ًدا بالصمت،
النظر إليها على أنها بنية إيقاعية موازية للأسطورة.
في انتظار معجزة.
فالرقم لا يشي بأية دلالة مضادة مع المضمون سوف تخفيه عن أعين الطالبين ،وسوف تضلل
الموضوع على هامشه ،كما أنه لا يترك أي علامة
تدل عليه ،إذا افترضنا عدم وجود الرقم أص ًل. ك َّل الطيور
ولو جمعنا هذه الأرقام فإن ناتجها سيكون مجرد فتحبسه وردة ،أو تراه المياه كموج من
تحصيل حاصل للنص ،ولا ينتج أي وجود مفارق
الياسمين ،ستخفيه ثم
له: تواصل بين التعاويذ رحلتها.
« -29كل امرأة تأخذ شكلها من الصحراء التي سوف تمضي كخ ٍّط من الدمع حذو المياه
لتعثر على ما يكمله واح ًدا واح ًدا)
تقابلها. من السمات الدلالية اللافتة في النص أنه لا يعكس
-30رأت الوعل يركض في التيه وقرونه نفسه على الأسطورة الأويزرية بشكل مباشر ،وإنما
يتعامل معها من منطلق النقيض والضد .يتمثل ذلك
المشتبكة تشتعل بزهور حمراء، في الإشارات والإيماءات الطقسية
ندهت عليه فوقف التي يوزعها أبو سعدة على مدار
حتى امتطته ،وطار بها ،وهي النص ،بد ًءا من بنية الترقيم
تقطف من زهوره وتضحك. الرمزي للزمن ،والذي تجسده
أيام الأسبوع السبعة ،مشكل ًة في
-31كانا يدخنان بغليونين من الوقت نفسه ،ما يشبه المحيط،
الكهرمان .قال الأبيض للأسود: أو الرحم الطقسي الذي يدور
في فلكه النص ،وانتها ًء بتحولات
هل ما تراه الجسد العاشق الممسوس بحمى
دائ ًما خلفك؟!
قال الأسود للأبيض :وماذا الأسطورة الأويزرية.
أفعل ..إذا كان كل شيء علاوة على ذلك ،يتحصن النص
يخفي شي ًئا آخر؟! -داخليًّا -برمزية رقمية أخرى،
-32كنت أهبط ل َك ،فإن تكتب على الهامش بشكل يبدو
لم أجدك صعدت على شكل
عصفورة ،وأظل محلقة
لأرى أين تهبط يا كل كلي»