Page 32 - m
P. 32

‫العـدد ‪59‬‬                 ‫‪30‬‬

                                                           ‫نوفمبر ‪٢٠٢3‬‬

          ‫فيبرز الرجل القصدير‪ ،‬والرجل الفضة‪ ،‬والرجل‬        ‫ويجعلنا لا نقبض عليها في مضمون واحد‪ ،‬أو دلالة‬
             ‫النحاس‪ ،‬والوعل الطائر المجنح‪ ،‬والحجر الذي‬         ‫محددة‪ ،‬بل في حالات مركبة‪ ،‬تتعدد مستويات‬

           ‫يتكلم ويصرخ‪ ،‬والآلهة المتقنعون بأقنعة البشر‪،‬‬    ‫تشكلها في النص‪ .‬أي ًضا تتضح هذا صورة العاشق‬
       ‫والبشر المتقنعون بأقنعة الآلهة‪ .‬أي ًضا تبرز مفردات‬    ‫الملتبسة في بدايات النص‪ ،‬حيث يبدو مجرد كائن‬
                                                               ‫سلبي‪ ،‬مشوش البصر والبصيرة‪ ،‬فاقد الوعي‬
           ‫الحياة اليومية‪ :‬الشارع‪ ،‬الساعة‪ ،‬الهاتف المعطل‪،‬‬      ‫بذاته‪ ،‬لكنه مع ذلك يتسم بقدرة غامضة‪ ،‬تكاد‬
         ‫حي بولاق‪ ،‬أعقاب السجائر‪ ،‬أحمر الشفاه‪ ،‬كركرة‬           ‫تكون سحرية‪ ،‬ذات تأثير وفعالية على الكائنات‬
                                                                ‫في عيانها المرئي وغير المرئي في الوقت نفسه‪.‬‬
                                    ‫السيارات‪ ..‬وغيرها‪.‬‬       ‫وأحيانا تتماثل المعشوقة مع رمز الأم‪ ،‬ما يذكرنا‬
       ‫هذا التحوير والتبديل في منطق الكائنات‪ ،‬والتوشيج‬
                                                           ‫بـيوتوبيا الزواج المقدس بين الأرض وبين السماء‪،‬‬
            ‫بينها‪ ،‬وبين إيقاع النثر اليومي يشيع حالة من‬    ‫كما هو معروف في الأساطير البدائية‪ ،‬حيث يتحول‬
           ‫المرونة والحيوية على سطح الأسطورة‪ ،‬ويجعل‬
        ‫النص يحلِّق في فضائها بوصفها تميمية ضد الموت‬        ‫جسدها إلى بيت صغير للكون‪ ،‬كما أن لحضورها‬
                                                               ‫أي ًضا طبيعة خاصة وقدرة على تجريد الأشياء‬
                                               ‫والزمن‪.‬‬
          ‫إن الأسطورة في النص ليست شيئًا مغل ًقا مكتفيًا‬     ‫من ماهياتها البسيطة‪ ،‬وتحويلها إلى رموز مركبة‬
        ‫بذاته‪ ،‬بل تظل إمكانية مفتوحة‪ ،‬تستمد صيرورتها‬                                               ‫الدلالة‪.‬‬

            ‫من المقدرة على التشكل من داخل النص نفسه‪.‬‬              ‫«وضع الملاك يمناه على كتفها‪ ،‬ووضعت‬
       ‫واللافت هنا‪ ،‬أن النص يعري بنية التناقض الدال في‬              ‫يسراها حول خصره‪ ،‬وراحا يتمشيان‬
                                                                                         ‫‪ :‬ما أخباره الآن‪.‬‬
‫فريد أبو سعدة مع إبراهيم عبد المجبد وجار النبي الحلو‬                   ‫قال‪ :‬أصبح واه ًنا‪ ،‬ينام أثناء الكلام‬
                                                                                   ‫نظرت في عينيه طوي ًل‬
                                                                                                ‫فقال‪ :‬لا!!‬
                                                                           ‫ثم ودعها‪ ،‬وأشار فاختفت الق َّب ُة‬
                                                                          ‫ووجدت نفسها على الماء وموكبه‬
                                                                                       ‫يعرج في السموات‬
                                                                                                        ‫‪..‬‬
                                                                                                        ‫‪..‬‬
                                                                                              ‫وكان مسا ٌء‬
                                                                                             ‫وكان صبا ٌح‬
                                                                                     ‫يو ًما ثان ًيا‪ ،‬الاثنين»‪.‬‬

                                                                        ‫نواظم دلالية‬

                                                              ‫من أبرز سمات الطقسية في النص‪ ،‬أنه –دائ ًما‪-‬‬
                                                              ‫يحرك العناصر والأشياء والكائنات في إيقاعات‬
                                                               ‫وتواليف ووشائج تناصية متضادة‪ ،‬ويكسبها‬
                                                           ‫صفات ميثولوجية خارقة للعادة والمألوف‪ ،‬لتتواءم‬
                                                              ‫مع جوهر الأسطورة الأويزرية‪ ،‬كما تمهد هذه‬
                                                             ‫الوشائج لجدل النص مع الأسطورة وتقاطعاتها‬
                                                           ‫مع الواقع‪ ،‬وتفتح لهذا الجدل نوافذ إدراك جديدة؛‬
   27   28   29   30   31   32   33   34   35   36   37