Page 28 - m
P. 28

‫العـدد ‪59‬‬                 ‫‪26‬‬

               ‫نوفمبر ‪٢٠٢3‬‬

                            ‫تحولات الزمن‬

‫فريد أبو سعدة‬   ‫يترادف مع هذا تعامل النص مع الزمن‪ .‬الزمن في‬
               ‫عيانه الخارجي المباشر‪ ،‬والزمن في نسيجه الداخلي‬

                   ‫الفيزيائي‪ .‬وهذه الثيمة من أكثر الثيمات فعالية‬
                                             ‫وتناميًا في النص‪.‬‬

                ‫في المستوى الأول (الخارجي للزمن) يصنع النص‬
                ‫من أيام الأسبوع متتالية رمزية‪ ،‬تتجلى فيها عملية‬

                  ‫السقوط الثانوي‪ ،‬أو الهبوط الأرضي الإجباري‬
                     ‫للعاشق‪ ،‬أو بمعنى ما‪ ،‬للجسد‪ ،‬وذلك من أفق‬
                   ‫الأسطورة العلوي المطلق إلى أفق الواقع المادي‬

               ‫المح َّدد‪ .‬ونلاحظ أن العاشقة تلعب دور الوسيط بين‬
               ‫الأسطورة الأويزرية وبين الجسد المم َّزق‪ ،‬فلا تكف‬

                   ‫عن محاولة استنهاضه‪ ،‬إما عن طريق مجموعة‬
                ‫من الرموز والتراتيل والتعازيم الطقسية الخاصة‬

                   ‫بكل يوم‪« ..‬تبارك القم ُر والساك ُن بفلكه‪ ،‬الآخذ‬
                 ‫بناصية ُخدام يومه‪ ،‬الاثنين‪ ،‬الياء‪ ،‬الفضة‪ ،‬الحار‪،‬‬
                  ‫الرطب» و»تبارك عطارد‪ ،‬والساكن بفلكه‪ ،‬الآخذ‬
               ‫بناصية خدام يومه‪ ،‬الأربعاء‪ ،‬الدال‪ ،‬الزئبق‪ ،‬القابل‬
                  ‫كل طبع‪ ،‬سع ٌد مع السعود ونح ٌس مع النحوس‪،‬‬
                ‫ماز ُج الذكورة بالأنوثة»‪ .‬وإما بنزع عباءة القداسة‬
               ‫والتأله عنه (الجسد) وتذكيره بأنه محض «وعل»‪،‬‬
                 ‫محض وجود قابل للتح ُّول والتب ُّدل‪ ،‬بحكم دورة‬

                  ‫الزمن نفسه‪ ،‬ومنطق الحياة والأسطورة ذاتها‪..‬‬
                             ‫«فانتب َه وقال‪ :‬طعم العالم في فمي»‪.‬‬

               ‫ومن ثم‪ ،‬تتكشف ظهورات العاشق وتجلياته ‪-‬بين‬
               ‫يوم وآخر‪ -‬في مفارقات ودلالات يغلب عليها حس‬

                    ‫الفانتازيا والسخرية‪ .‬ويركز النص على تعرية‬
                    ‫الغطاء الخارجي للأسطورة‪ ،‬ويتم ذلك بكسر‬
                   ‫إيقاع ومهابة المقدس‪ ،‬وانتهاك هالات وحواجز‬
               ‫التحريم التي يستدعيها الغطاء أو بمعنى آخر‪ ،‬التي‬
               ‫تساهم في تشكله وإكسابه صفة الامتداد في الزمان‬
                    ‫والمكان‪ .‬وتنفتح ذاكرة العاشق على الأسطورة‬
                ‫الأويزرية في سياقات موازية ومتنوعة‪ ،‬حتى يبدو‬
                 ‫فعل الهبوط الأرضي للعاشق وكأنه طقس سري‬

                         ‫محفوف برقى وتعاويذ سحرية خاصة‪.‬‬
                   ‫«أجلساه في الطست أمام الطعوم‪ ،‬عن يمينه‬
               ‫المشموم وعن يساره الملموس ثم أطلقت البخور‬
                   ‫وراحت تصلي‪ ،‬دار حوله صلحائيل بعصاه‬
   23   24   25   26   27   28   29   30   31   32   33