Page 59 - m
P. 59
57 إبداع ومبدعون
الشعر
ولم يكن أمامهم إلا ساعات والطواويس والأشجا ُر التي تمنح
وهكذا ظهرت البنايا ُت المائل ُة والبيو ُت الظهير َة مبر ًرا للوجود
المتلاصق ُة والأشجار الصفراء المدين ُة بهي ُة الجمال ،التهمها
الهزيلة والشوارع الضيقة الملتوية الجائعون في فور ِة غضبهم،
والبالوعات المفتوحة والبيوت المهدمة بحثًا عن لحظ ٍة يتأكدون فيها أنهم
وغير المكتملة والخرابات وعشش
على قيد الحياة
الصفيح والمساكن المستندة إلى وبعد أن انتهوا ،فوجئوا أن الصحراء
حجارة الجبل
تحاصرهم من كل ناحي ٍة،
لم يستطع الجائعون استعاد َة والسما َء سوداء بدون مصابيح،
الحدائق الواسعة بطواويسها
ونافوراتها وأشجارها الباسقة فشعروا بالخوف
وبحيراتها الصناعية رغم بقائها في وأطلقوا عوا َء الذئاب الجريحة
خيالهم مثل كنز ضائع لأجدادهم كان لا ب َّد من استعاد ِة المدينة
وظل الجو ُع يبني أنقا ًضا وخرائ َب
وعشوائيات وشوار َع محفورة وأسوارها
وجرائم قت ٍل من منتصف الليل إلى حتى يظ َّل الجائعون أحياء
وهكذا ،كان على جموع الجائعين أن
الفجر يتقيأوا المدينة من جوفهم
من منتصف الليل وحتى الليل التالى
واستيقظنا في الصباح لنجد أنفسنا لفظوا القصور والحدائق الغنَّاء
سائرين في شوارع ملتوية وسط والشوارع الواسعة والبحيرات
الصناعية والأشجار المليئة بالطيور
مساكن متهالكة وأكوام من القمامة،
بينما تجذبنا أحلامنا إلى المدينة البهية النادرة والميادين ونافوراتها
وتماثيلها
التي كنا فيها ،حيث تماثيل البنات
يحملن الجرار الرخامية ويسقيننا د ُّقوا صدورهم بالحجارة حتى
ما ًء زلا ًل ،وأقوا ُس الأشجار الظليلة يستعيدوا رونق البساتين وأشجارها
تحمينا من حر الظهيرة وتمنحنا
والأنهار الصغيرة والنافورات
الفرصة لنختلس من حبيباتنا الرخامية والأسبلة التي يرتوي منها
القبلات
... العابرون
وضربوا رءوسهم في الرمال التي
قد ٌم في الشوارع المغمورة بمياه تحاصرهم ،حتى يهتدوا لخيالات
المجارى
المعماريين القدامى عن الباحات
وقد ٌم في مدينة الحدائق المعلقة والأسقف المعلقة في مدينة الجنة
خطو ٌة مرتبك ٌة تحت شمس الظهيرة كانوا يسابقون الزمن ليستعيدوا
مو-عن-وا-د ُءي-اوا-لذن-ئا«-أب-نا-في-جا-ئ-ضعو-يءا-الر-قبم»ر ،صدر المدين َة،
مؤخ ًرا. التي التهموها خو ًفا من الموت،
حتى يظلوا أحياء،