Page 57 - m
P. 57

‫‪55‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

      ‫في المقطع الشعري السابق تؤكد الشاعرة على‬             ‫تلك الحكايات الشعرية المأزومة‪ ،‬المشبعة بصوت‬
 ‫عبثية الحياة‪ ،‬وأن الذي يحدث في الخيال قد يكون‬                                           ‫الذات الشاعرة‪.‬‬
  ‫مواز ًيا لما حدث فيها بالفعل أو سيحدث في الواقع‬
‫مستقب ًل‪ ،‬وألا وجود للممنوع داخلها‪ ،‬وأن كل شيء‬                ‫وعبر الانشغال بسؤال الهوية‪ /‬سؤال الذات‬
                                                             ‫لدى الشاعرة‪ ،‬والوقوف أمام تجليات تلاشي‬
    ‫مباح في عالمها‪ ،‬وهذا كله تسهم فيه تلك الصور‬            ‫الذات والانسحاق‪ ،‬كان الغياب حاض ًرا‪ ،‬والعط ُف‬
   ‫الشعرية المتنوعة والمتداخلة التي احتواها النص‪،‬‬           ‫ُمضطر ٌب يمو ُج ويرج ُف‪ ،‬يتساءل‪« :‬ويئن منها‬
   ‫وتتكئ على سياقات العودة إلى انتهاكات الماضي‪،‬‬              ‫اُتلقسلعُب ُفه؟»ل‪.‬متقنوملنتفهيىق؟ أصميدهة ْل«دعلعىوتلى َكاالل ِفمراشا ِقر»‪ِ:‬ف‬
‫من خلال الوقوف أمام تلك الحكايات المأزومة؛ مما‬
   ‫يسهم في بناء وتشكيل متخيل شعري للنص من‬                                ‫« ُرو ٌح إلى الأعلى وعص ٌف يعص ُف‬
‫نوع خاص‪ ،‬نوع يقوم على تداخل الحكايات الواحدة‬                            ‫والعط ُف ُمضطر ٌب يمو ُج وير ِج ُف‬
 ‫والمتعددة‪ ،‬تداخل يزيد مساحة التخيل أمام الواقع‪،‬‬                         ‫قد حا َر الاطمئنا ُن كيف يسو ُسها‬
  ‫ويفتح آفاق التأويل والاستنطاق لهذه الصور على‬
                                                                             ‫وهواج ٌس تلهو بها وتخ ُّو ُف‬
            ‫مدى أرحب‪ ،‬مدى مشر ًعا في الاتساع‪.‬‬                             ‫ويئن منها القل ُب هل من ُمنتهى‬
                                                                          ‫أم هل على تلك المشار ِف ُتسع ُف‬
    ‫ختا ًما‪:‬‬
                                                                            ‫محموم ٌة َتهذي إذا استنطقتها‬
 ‫تتأرجح الحكاية الشعرية في نصوص الديوان بين‬                                   ‫مكلوم ٌة والسي ُف لا يتلط ُف‬
    ‫الذات الشاعرة والآخر الافتراضي‪ ،‬فهو تأرجح‬
                                                                            ‫رو ٌح إلى الأعلى تش ُّب و ُتجر ُف‬
  ‫فني يجعلنا ندرك أن هذه الازدواجية الحكائية في‬                            ‫والعا َ ُل الوه ُم الخديع ُة ُي ْخ َس ُف‬
‫النص الشعري عبر الصورة تؤشر إلى ذات واحدة‪،‬‬
 ‫هي ذات الشاعر‪ ،‬وهي طريقة فنية تساعد المتلقين‬                                   ‫و ُمغادرون ُمعلَّ ُقون ب ُأف ِق ِه‬
                                                                                ‫والغارقون بردم ِه تتل َّح ُف‬
  ‫على الغوص في كوامن الذات الشاعرة؛ لاكتشافها‬                                 ‫ك َّف الدلي ُل فكيف إن بادل ُت ُه‬
                         ‫وتأكيد علاقتها بالكتابة‪.‬‬                         ‫سكنًا بنا ٍر في الحشا استشر ُف‬
                                                                             ‫شبَّ ْت فلما ا َّصاعدت تي ُجانها‬
‫إن وظيفة المنظور الضعيف‪ ،‬يؤكد حتمية الإبقاء على‬                            ‫ُصيِّ ْر ُت دم ًعا في الأواني َينز ُف‬
‫الأثر ناز ًفا‪ ،‬غير قابل للرتم‪ ،‬فاغ ًرا‪ ،‬صد ًعا مزمنًا‪ ،‬لا‬                     ‫دا َر ال ُس َقا ُة به بنا ٍد من لظى‬
                                                              ‫فال ُك ُّل ُظ ْل ًما من ُبكائي ير ُش ُف» ص ‪.70 ،69‬‬
                ‫يحتمل المواساة‪ ،‬ولا يقبل الصفح‬

                                                                        ‫الهوامش‪:‬‬

‫‪ -1‬عبير زكي‪ ،‬ديوان (نصف احتمال للفرح)‪ ،‬دار الرضا للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط(‪.2022 ،)1‬‬
  ‫‪ -2‬أسامة إسبر‪ ،‬أدونيس‪ :‬الحوارات الكاملة (‪ ،)1990 :1987( ،)3‬بدايات للنشر والتوزيع‪ ،‬جبلة‪.‬سوريا‪،‬‬
                                                                             ‫ط(‪ ،2010 ،)1‬ص‪.241‬‬

‫‪ -3‬انظر‪ ،‬محمد المسعودي‪ ،‬تشكيل المتخيل‪ ،‬إعداد اللجنة الثقافية لجمعية الباحثين الشباب في اللغة والآداب‪،‬‬
                                                    ‫مطبعة ‪ ،PABAT NET MAROC‬الرباط‪ ،‬ص‪.149‬‬
   52   53   54   55   56   57   58   59   60   61   62