Page 54 - m
P. 54
العـدد 59 52
نوفمبر ٢٠٢3
لكب ِح سه ٍم في انطلا ٍق حين.. «تذويت الكتابة» ،أي حرص الأدباء عامة ،والشعراء
َر ُّدو ُه اندفع خاصة على إضفاء سمات قد تبدو –بشكل أو
وأخمدو ُه فاندلع بآخر -ذاتية على قصائدهم ،وذلك من خلال ربط
ون َّكسو ُه فارتف ْع
ُمحاصرو َن بالغبا ِء بالعدا ِء بالصم ْم نصوصهم الشعرية بالحياة والتجربة الشخصيتين،
ُمحاصرون بالوشا ِة بال ُجنا ِة بالرم ْم وجعل صوت الذات الشاعرة حاض ًرا بفاعلية داخل
نصوصهم؛ مما يضفي عليها ذاتية وحضو ًرا
ُمحاصرو َن بالعد ْم مغاي ًرا ،قد يبدو متاهيًّا ،لكنها تسعى للنجاة في
وبال ُّطغا ِة الجاثمي َن في ال ُّربى كـ»منقرع» الرمق الأخير ،وذلك في محاولة قد تبدو بائسة،
ُمحاصرون بالعبي ِد ..بالخضو ِع ما خض ْع
حيث ترغب في جمع شتاتها ،وترك مساحة ولو
بالهلع ُموحسااعصٍةرمونن قليلة لدخول قليل من النور إلى حياتها ،لعل الرفاق
الزمن
ما ظ َّل فيها ُمتسع يرجعون ،ولعل نو ًما قري ًرا يزورها في ذلك السفر
بُمالمحاا ِء فصيرونهن ٍربأال ِسو ْنه»ْنص.14 ،13 البعيد القصير ،لكنه أمل مستحيل ،إذ إنه سفر
يلاحقه سفر ،وهكذا قامت الشاعرة بالوقوف أمام
انتهاكات الماضي المستمر من خلال حركة الصورة
لقد جاءت الصور الشعرية هنا لتجسد معاناة وتداعياتها لتلك الحكايات المأزومة.
الكاتبة والكتابة ذاتها على حد سواء ،والتفكير فيها وتعود الشاعرة مرة أخرى في قصيدة
عبر المتخيل الشعري من خلال تشكيل الصورة «محاصرون» لتقف أمام حكايات الانتهاك
وحركتها لتلك الحكايات المأزومة النازفة ،وذلك والحصار وانعدام اليقين لديها ،عبر رحلة متاهية
عن طريق «تحفيز المتلقي على مزيد من توظيف في عالم الغياب والوجع تحت سوط من قمع ،تسعى
قدراته التخييلية والتأويلية»( ،)3عن طريق الوقوف فيها إلى المكاشفة ،في محاولة تبدو بائسة للوقوف
أمام حكايات الانتهاك والتلاشي والغياب والألم أمام الحقيقة التي تبدو غائبة ،ومن الحصار
بالضياع ،والوداع في المُقل ،تجيء بانسكابات الأنين
الناتج عن الحصار الدائم التي حفل بها النص
فكرة وتعبيرات ( ُمحاصرو َن بالوج ْع وبالثبا ِت
المُختر ْع /بالحيا ِد ..بالأفو ِل ..تحت سوط من فوق جدران الولع ،هنا تأتي اللحظة التي تنجلي
قم ْعُ /محاصرون بالضيا ِع ..بالودا ِع في المُ َق ْل/ فيها الحقيقة وسط صخب الحياة ومعاركها ،تقول:
ُمحاصرون كالدموع في سيا ِج المعتق ْل /اللي ُل « ُمحاصرو َن بالوج ْع
ُمرس ُل الأج ْلُ /محاصرون بالمل ْل وبانسكابا ِت وبالثبا ِت المُختر ْع
الأنين فوق جدرا ِن الول ْع /بال ُّذبو ِل ..في خشو ٍع في
وجو ٍد ُمصطن ْعُ /محاصرون بالبدع على تقاسي ِم وبالحيا ِد ..بالأفو ِل ..تحت سوط من قم ْع
الود ْعَ /ر ُّدو ُه اندفع /أخمدو ُه فاندلع /ن َّكسو ُه ُمحاصرون بالضيا ِع ..بالودا ِع في المُ َق ْل
بالعدا ِء بالصم ْم/ بالغبا ِء فارتف ْعُ /محاصرو َن ُمحاصرون كالدموع في سيا ِج المعتق ْل
بالرم ْمُ /محاصرو َن بال ُجنا ِة ُمحاصرون بالوشا ِة واللي ُل ُمرس ُل الأج ْل
بالعد ْمُ /محاصرون بالعبي ِد ..بالخضو ِع ما خض ْع/ ُمحاصرون بالمل ْل
ُمحاصرون بالهلعُ /محاصرون بالوه ْن بالما ِء في وبانسكابا ِت الأنين فوق جدرا ِن الول ْع
وبال ُّذبو ِل ..في خشو ٍع في وجو ٍد ُمصطن ْع
ُمحاصرون بالبدع
نه ٍر أ ِس ْن) ،فالشاعرة هنا تعمق عنصر المتاهة على تقاسي ِم الود ْع
الشعرية النابعة من ذلك الحصار المقيم طوال وفي تفاسي ِر ال ُعمو ِم حي َن تحكي ما وق ْع
القصيدة ،التي أملت بعض الفراغات داخل الحكائية على الملا
الشعرية للقصيدة ،والتي يمكن للقارئ أن يلمسها، اجتم ْع في جم ِع من منا
و َل َّقنو ُه ما س ِم ْع
وهو يقرأ القصيدة ،وتلك المتاهة الشعرية هي أحد