Page 51 - m
P. 51

‫‪49‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

                                                                        ‫النمط العقلاني السائد ولا‬

                                                                        ‫لاحتمالات التغيير‪ ،‬وفي‬

                                                                        ‫ذلك إشارة إلى فكرة تشيؤ‬

                                                                        ‫الإنسان وتحوله إلى تابع؛‬

                                                                        ‫فالقمع المجتمعي يقوده إلى‬
                                                                        ‫الاغتراب التام وصو ًل إلى‬

                                                                        ‫انعدام قدرته على اتخاذ‬

                                                                        ‫قرار تحديد وجهته من‬

                                                                        ‫ناحية‪ ،‬وتقديره للوقت‬

                                                                        ‫اللازم من أجل إدراك‬

                                                                        ‫العوامل الخارجية الممثلة‬

                                                                        ‫في (حكم الآخرين عليه)‬

                                                                        ‫والتي يبنع منها إحساسه‬

                                                                        ‫بقيمته الذاتية (الخاصة)‪.‬‬

                                                                        ‫أشار الكاتب من خلال‬

‫ميشال فوكو هيجل‬                                          ‫فريدريك نيتشه‬      ‫قصص المجموعة إلى‬
                                                                        ‫إنتاج المجتمعات التسلطية‬
   ‫ولأنه حتى الرضوخ لسلطة الكتابة فيه ازدواجية‪،‬‬
      ‫رأينا رضوخ الكاتب للشروط الخاصة بالكتابة‬                          ‫القامعة للآلة الذاتية‬
     ‫المراوغة فيما يخص الحدود التي تفصل الداخل‬           ‫‪ automaton‬أو ما نسميه (الإنسان المُتغ ِرب)‪ ،‬الذي‬

  ‫عن الخارج أو ًل‪ ،‬هذا الرضوخ الذي تطلَّب قد ًرا من‬      ‫أصبحت أفعاله غريبة عنه‪ ،‬تحكمه وتقف ضده‪،‬‬
         ‫الارتكاز على الرمز وقلب القيم المألوفة ثان ًيا‬
                                                         ‫ارتكز الكاتب أي ًضا على الكيفية التي يصبح بها‬
                               ‫الهوامش‪:‬‬                  ‫الاستمتاع بالذات كالاستمتاع بالموسيقى من خلال‬

   ‫‪ -1‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬اعتنى بالطبعة أمين‬          ‫إرساء جماليات العيش خارج تعاليم (النحن)؛‬
    ‫محمد عبد الوهاب‪ ،‬ومحمد الصادق العبيدي‪ ،‬دار‬           ‫وكأن الثورة على القيود أسلوب حياة ونم ًطا‬

                   ‫إحياء التراث‪ ،‬ط‪ ،3‬بيروت‪ ،‬لبنان‬        ‫وجود ًّيا‪ ،‬وأشار إلى طبيعة الذوات التي تتشكل وف ًقا‬
   ‫‪ -2‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬المعجم الفلسفي(‪،)1983‬‬          ‫للممارسات الحقيقية؛ مرتك ًزا على فكرة مفادها أن‬
                                                         ‫ما تشكله الحياة من قيود قد تكون متعار ًضة مع‬
       ‫المطابع الأميرية‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ص‪.87‬‬
 ‫‪3- Henrietta L.Moore, The Subject of‬‬                                   ‫طبيعة الذوات المعنية بالرقي والجمال‪.‬‬
 ‫‪Anthropology; Gender, Symbolism and‬‬
 ‫)‪Psychoanalysis (Cambridge; Polity, 2007‬‬                ‫مفهوم الطقس الديني والسعي إلى (تذويت)‬
 ‫‪PP. 23-41‬‬
                                                         ‫الإنسان في سجن الانشغالات الدينية في قصة‬
        ‫‪ -4‬ميشال فوكو (‪ )1991‬استعمال الملذات‪،‬‬
    ‫ترجمة‪ :‬جورج أبي صالح‪ ،‬مركز الإنماء القومي‪،‬‬           ‫(عقارب في بيت الله) يهدف إلى جعل الاعتقاد‬

                                    ‫بيروت‪ ،‬ص‪.8‬‬           ‫والممارسة غير قابلين للفصل‪ ،‬مع ملاحظة أن‬

                                                         ‫الكتابة في هذه القصة أي ًضا كانت طقسية يحكمها‬

                                                         ‫منطق الرمز والتكرارات‪ ،‬وفي ذلك انبثاق لذاتية‬

                                                         ‫الكاتب‪ ،‬معنى ذلك أن الكاتب أي ًضا عمل على تذويت‬

                                                         ‫أبطال القصص لتتمكن من العيش في أجواء التوتر‪،‬‬

                                                         ‫وليتمكن هو ‪-‬أى الكاتب‪ -‬من تعرية المجتمع‬

                                                         ‫بالتطرق لثيمات التهميش والإقصاء والعقاب‬

                                                                        ‫والمراقبة‪.‬‬
   46   47   48   49   50   51   52   53   54   55   56