Page 49 - m
P. 49
47 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
سيجموند فرويد إريك فروم والقراءة الحالية قائمة على فهم الاستيهامات التي
ينتجها الخطاب المجتمعي ،وما يرشدنا إليه هذا
الآخرين عبر مضمون إنساني مجرد؛ لأن الذات الخطاب من أن الذات تتشكل وف ًقا للممارسات
الخاصة بكل شخصية لا تتشكل في التبعية فحسب،
الحياتية الحقيقة ،مع ملاحظة أن أشكال ممارسة
بل إن التورط في التبعية يوفر شرط استمرار الذات متعددة العناصر؛ فهي ليست ذا ًتا غارقة
تحقيق الذات« :عندما أذهب إلى أى مصلحة لا في ذاتيتها الخاصة ،إنما تتشكل وفق انفعالات
أسأل عن مديرها ،بل أتشمم رائحة المخلص الذي ومونولوجات ذهنية وحوارات ممتدة مع الآخر.
سيعفيني من الطوابير» ،بالتالي فالاختيارات
دائ ًما ليست نابعة من إرادته الحرة ،بل موجهة ثان ًيا :الحريات المتاحة وهيمنة التبعية
من الرقابة الاجتماعية ،وعندما تكون السلطة
هى ما نعتمد عليه بشدة من أجل تسهيل حياتنا؛ علينا أن نفكر في «الذات» كموضوع لثنائية
فالإخضاع يعني اعتماد الإنسان الأساسي على (المعرفة /ال ُسلطة) التي تتشكل في حركيتها
سلطة لم يخترها ،لأنها تسهل فاعليته .يمكننا المتواصلة من خلال محددات :النشأة والتاريخ
هنا أي ًضا تناول مسألة تشكل الذات من خلال والسعي إلى الخلاص من الإخفاقات ،هذا في مقابل
الإخضاع أو ما نسميه الوعي الشقي كما جاء ممارسات السيطرة والقمع والخضوع والتحولات
في كتاب فينومينولوجيا الروح لهيجل؛ فالسيد المجتمعية والإغراءات فيما يتعلق بالعلاقات مع
(المخلِّص) الذي يبدو مسيط ًرا على العبد (البطل) قد الآخرين؛ لنكتشف حقيقة أن النظم الاجتماعية
يظهر أي ًضا بوصفه ضمير العبد الداخلي ،هذا الوعي في قصص المجموعة لا تقوم على حرية حقيقية؛
المنقلب على نفسه كما ذكره نيتشة ،يقول البطل في أدى ذلك إلى إصابة أهل البلدة في قصة (أم لولي)
مونولوج ذهني مؤك ًدا سلطة الخطاب البيروقراطي بالإدراك الوهمي« :البلد كلها أصبحت مؤمنة أن
الذي يتم تداوله من دون صوت« :لن تكون اللعبة ثراء أم لولي واحتفاظها بجمالها؛ لأنها مخاوية جنيًّا
جيدة ج ًدا ما لم يضعوا أمامك عراقيل لا يستطيع يوفر لها الزئبق الأحمر»؛ فبجانب رغبة الإنسان
الشيطان نفسه أن يحلها» ،من خلال هذه القصة الفطرية في الحرية رغبة غريزية أخرى للخضوع
لا غرابة في ذلك؛ لأن العقلانية المفرطة قد تؤدي
إلى عزلة الإنسان ومن ثم تجعله قل ًقا ،يلجأ إلى
الهروب من حمل الحرية الزائفة إلى الخضوع للعقل
الجمعي ،هنا تتضح القابلية للتبعية ،والعبودية
المقنعة التي تشي بالوعى الزائف والحرية الوهمية
البائسة ،ففي هذه القصة مساحات من التوتر بين
المثالية الذاتية للبطل السارد والإمكانية التدميرية
للجماعة السيكولوجية الغارقة في الحريات المتاحة.
ولأن معنى الحرية في قصة (عيد جميع المخلصين)
متصل بالتجربة الشخصية للبطل؛ علينا استرجاع
تعريف ميشال فوكو للتجربة الإنسانية ،حيث نفهم
من التجربة مدى الترابط في ثقافة ما بين ميادين
المعرفة ونماذج المعيارية وأشكال الذاتية(.)4
ففي تجارب أبطال قصص المجموعة تقاطعت
الممارسات الخطابية وامتدت حتى أصبحت ذات
طابع وجودي ،وأصبحنا بمجرد القراءة نستدعي