Page 50 - m
P. 50
العـدد 59 48
نوفمبر ٢٠٢3
الحرية هو الأولى بالاهتمام؛ ربما لذلك أي ًضا جاءت اتضح لنا نقاط ارتكاز العلاقات السلطوية والطرائق
محاولة فهم ثنائية (الاخضاع /التبعية) مزدوجة التي تستخدمها ،وهل تخضع إلى العقلانية أم
بصورة دائمة تسعى لفهم شروط تشكل الذات
من ناحية ،وتتبع انقلاب الذات على تلك الشروط الغرائبية المفرطة ،أي ًضا موقف بطل القصة دفعنا
من ناحية أخرى؛ فهناك دائ ًما عالم مألوف وعالم إلى تحليل الجهد الفردي المبذول لمحاولة فهم هذا
غريب ،وانفعالات أبطال القصص دالَّة على التماثل
مع السلطة من قبيل الخضوع والاختلاف المقرون العلاقات داخل المكان بتناغم شديد.
بالقلق والاغتراب أو ًل والتورط في التبعية ثانيًا. مسألة تشكل الذات من خلال الإخضاع تجلَّت
قصص المجموعة تحدثنا عن المجتمع الذي انزوى أي ًضا في قصة (الضبع الماركيزي) ،فإذا أصبح
تحت إمرة قيم تستبعد الفردية بداية من القبيلة الموقف مؤلمًا وأصبحت الحياة مظلمة؛ فالميكانيزم
البدائية ومعاقبة من يضحكون ،وجدل العبد/ اللازم للدفاع عن الذات هو (الموت الانفعالي) ،حيث
السيد ،ورجل الدين الذي وجه أنظارنا إلى تمزق الكف عن الحرية؛ لنجد أن ذات الكاتب بطل القصة
المنفتحة على مجمل مسارات حياته جعلت الحاضر
الإنسان وتشتته بين البلاد ،والتنظيمات الاجتماعية في جمهورية رامتان الأدبية بمثابة المسرح المُعد
المؤ َّسسة على الرشوة والتربيطات التي توجه لعرض تجارب وخبرات الماضي ،يقول« :ورغم
هذه البداية المبشرة ،لكن الضبع الماركيزي لم يكتب
الإنسان وتجعله قاب ًل للخضوع من أجل الحصول أي نصوص بعد ذلك ،واكتفى بمعاش زهيد يتلقاه
على مكتسبات معينة؛ فكل قصة بها تفاعلات بين باعتباره من الأدباء المفحوصين» ،وكأن تسمية
طرف يمتلك القوة والتسلط العنيف وطرف يرغب الأدباء في القصة بأسماء الحيوانات لها وجاهتها؛
فالحيوان لديه قدرة على التكيف بفعل الغريزة،
في ممارسة الوجود الحر.
مصادر النفي والعدم وأزمة المعنى في قصة والضعف البيولوجي للإنسان هنا هو شرط
(ابنة بيكاديللي) ،وقصة (إنقاذ تاكيمة الحبيبة) ممارسة الحرية كرد فعل ،وإذا كانت قصة (عيد
تتلخص في الصور الساخرة للحكام ،والحرية جميع المخلصين) توجه أنظارنا إلى فكرة ال ُّسبات
الزائفة والواقع العنيف؛ لنجد أن قلق الحرية إنما الاجتماعي ،وتعرض البطل إلى سلسلة إحباطات
يمثل مسل ًكا هروبيًّا؛ فالمجتمعات محكمة التنسيق ساهمت في فهمه لآليات عمل المخلصين؛ فقصة
في قصص المجموعة لم تسمح لمخالفة مسارات (الضبع الماركيزي) توجه الأنظار لفكرة ال ُّسبات
الثقافي ،وتذويت الإنسان في القصتين يعني أن
يعمل الأبطال على تبرئة أنفسهم من تهمة
الإحساس بالذنب بصورة مستمرة ،عبر
الممارسة المتكررة التي من خلالها تكتسب
المهارات ،مع ملاحظة أن اكتساب المهارات في
القصص لا يعني قبولها ،بل إعادة انتاجها
كنشاط هروبي.
خاتمة
في مجموعة (مدن تأكل نفسها) القصصية
آليات القراءة النقدية وف ًقا للمنهج النفسي
لم تس َع إلى فهم الشخصيات ،إنما سعت إلى
فهم القمع كظاهرة مجتمعية ،وفهم ماهية
النزعة العدوانية للبشر ،بالتالي كان سؤال